المنبرالحر

إهداء إلى شبيبة الدعاية الأنتخابية للتحالف المدني الديمقراطي حول الأنتخابات البرلمانية.. بعض الرؤى المتفرقة/ محمد النهر

هذه المرة لن أنتظر نتائج الأنتخابات حتى اساهم بموضوع حول دورنا فيها ، والسبب هو نجاح حملتنا الأنتخابية وخروجنا بهذا الشكل الملفت الى الشارع والجماهير، وفرض تواجدنا في كل مكان برغم تفاوت الفرص والقوى من منطقة الى اخرى وقلة الامكانيات العامة وغزارتها الفائضة عن المعقول عند الآخرين وخروجهم عن كل مألوف بالإنتخابات .
1- بفرح غامر أنظر يوميا إلى شبيبتنا العزيزة وهي تلتقي كل يوم وتتقاسم المهام والأماكن وتحديد نوعية الدعاية وكل ينطلق إلى مجال تنفيذه ، وفي كل يوم أماكن جديدة ومتطلبات جديدة لصور وشعارات وأعلام عراقية . هذه الشبيبة الرائعة التي توسعت يوما بعد يوم وزادت ثقتها بنفسها في غمار العمل ، وزاد من هذه الثقة تفاعل الناس معها وتشجيعها لهم . هذه الشبيبة ذهبت الى مدينة الكوت والحي والنعمانية والزبيدية والعزيزية وكانت في قرى ونواحي ريف الصويرة ، وما يميزها شعارات حملتنا وأسماء مرشحينا المعروفين بالنزاهة والكفاءة والتضحيات ، وكذلك ما يميزها شال أحمر على الكتف وكاسكيتة حمراء ، كانوا في التحشدات السكانية ومجالات العمل والشوارع وفي جميع الفعاليات التي حصلت في مدينة الصويرة وغيرها ، وكانت لهم معركة أخرى على صفحات الفيسبوك . وأكمل هذه الصورة الشبابية الآباء والاخوة والأجداد والعوائل بنشاط جماهيري يومي أحيا من جديد التراث النضالي للكثير من العوائل .
كنت اسير مع أخي كامل النهر - ابو صارم في الشارع ، وابو صارم يناهز الثمانين من العمر ومعروف بعلاقاته الواسعة مع الناس ، واضب أثناء الحملة الإنتخابية بشكل يومي للحضور إلى مقر الحزب برغم بعد المسافة وحرارة الجو وهو معروف بتعليقاته اللاذعة ، إلتقينا بأربعة أطفال من أحفاد العائلة سألهم أبو صارم .. ها جدو وين رايحين ؟ أجابوه : جدو رايحين للحزب ( يقصدون المقر ) انجيب أوراق الإنتخابات حتى نوزعها . ذكرتتني هذه الحادثة عند اضطراري للسفر من العراق عام 1977 بسبب الإرهاب ، كان في العائلة الكثير من الشباب والأطفال ، وقد كبر هؤلاء وتزوجوا وأنجبوا وأصبح لهم عوائل وشباب وأطفال ، ولكن هؤلاء الجدد نشأوا وهم لايعرفون ان لديهم عم أو خال إسمه محمد تحوطا من عوائلهم من أي خطأ وقبضة النظام الفاشي متربصة بهم ، وها هم من جديد كبار وشباب وصغار وعوائل مساهمين في الحملة الإنتخابية وعلى تراث العائلة النضالي . هؤلاء نحن اليوم التحالف المدني الديمقراطي والحزب الشيوعي على السكة الصحيحة وبإندفاع ولكن بلا أوهام هدفنا الجماهير لكسبها وتوعيتها والطموح بتمثيلها حتى لو بشكل متواضع الآن ، لقد انتقلنا في عملنا في هذه الحملة الإنتخابية قياسا بسابقاتها من حملات الهواة إلى حملات المحترفين . وبرغم النتائج فنحن نحتاج التمثيل في البرلمان وبعدد يتناسب مع مكانتنا في المجتمع وهذا إستحقاق قد تحرمنا منه ضروف كثيرة معروفة جيدا أسبابها خطط لها من قبل المتنفذين وقوى التخلف ، وكذلك نحتاج التمثيل من أجل التعبير عن إرادة من انتخبنا ودفاعا عن مصالح الكادحين وجماهير الشعب العراقي بمختلف فئاته والإنتقال بالبلد الى مجالات التقدم والأمان والمستقبل الأفضل
وشئ جيد أن نذكر هنا ما كتبه انجلز عن الهدف من الحملات الإنتخابية ليس من جهة تراثنا الماركسي فقط بل وكان انجلز يتحدث عن هذه الإنتخابات . فبعد توجيه الضربات القاسية لثورات 1848 في فرنسا واوروبا وكومونة باريس 1871 وإغراقها بالدماء وتشتت الطبقة العاملة وقادتها ، انتقل ثقل الحركة العمالية العالمية من فرنسا الى ألمانيا حيث تأسس الحزب الإشتراكي الديمقراطي الألماني وهو حزب ماركسي ، وقد استفاد هذا الحزب من قانون الإنتخابات في هذه البلاد وحقق نجاحات جيدة بالإتصال بالجماهير من خلال ذلك ، وعندما كتب انجلز في آذار 1895 مقدمته لكتاب ماركس ( النضال الطبقي في فرنسا ) تناول انجلز فيما تناول موضوع الإنتخابات في ألمانيا حيث يقول ( وحتى لو افترضنا إن الحق الإنتخابي العام لم يعد بأي نفع غير النفع الناجم من كونه قد أتاح لنا أن نحسب قوانا كل ثلاث سنوات ، وإنه بفضل نمو عدد الأصوات نموا فجائي السرعة وملحوظا بإنتظام ، قوا بالقدر نفسه ثقة العمال في النصر وذعر الأعداء . وصار بالتالي أفضل وسيلة بين وسائلنا الدعائية ، وإنه أعطانا معلومات دقيقة عن قوانا بالذات وعن قوى جميع أحزاب أخصامنا وأفسح بالتالي أمامنا مجالا لايقاس بأي مجال آخر لأجل تقدير أعمالنا وتصرفاتنا ، ووقانا سواء من التردد في غير أوانه أم من الجرأة الطائشة في غير أوانها ، وحتى لو كان هذا هو النفع الوحيد الذي أعطانا إياه حق التصويت ، لكان هذا أكثر من كاف . ولكنه أعطانا أكثر بكثير ففي حقبة التحريض قبل الإنتخابات ، أعطانا هذا الحق أفضل وسيلة للإتصال بالجماهير الشعبية حيث كانت لاتزال بعيدة عنا ولإجبار جميع الأحزاب على الدفاع أمام الشعب كله عن آرائها وتصرفاتها في وجه حملاتنا ) .
2- عند رجوع زوجتي من زيارة أهلها في النجف إلى الصويرة مرورا بمدينة الحلة لاستبدال السيارة ، سألها سائق التاكسي : أنت لست من أهالي الصويرة ، وكان الجواب نعم ، وماذا عندك في الصويرة ، زوجي ، ومن أين هو ، هو من بيت النهر أهلا وسهلا نعم الناس . كان في السيارة رجل كبير السن مع زوجته ، يسأل الرجل ، وماذا يكون زوجك من إبراهيم النهر مرشح التحالف المدني للإنتخابات ، إنه أخوه ، ويؤكد الرجل ، إبراهيم شخصية جيدة كافح وناضل وتأذى كباقي افراد العائلة وهو نزيه وذو خبرة أنا أعرفه جيدا وسأنتخبه ، زوجة الرجل تؤكد على عدم ذهابها الى الإنتخابات لكنها سألت ماذا يكون زوجك من المرحوم حامد النهر ، إنه أخوه وماذا يكون إبراهيم من حامد ، إنه أخوه أيضا ، ثم تضيف الله يرحمه حامد النهر كان انسانا محترما وعلاقته جيدة بالناس وكلهم يحبونه ، إذا مادام عرفتيهم من الواجب أن تذهبي للإنتخابات وإنتخاب إبراهيم لأن ذلك لمصلحتكم وأن تأخذي معك جماعتك ، نعم سأذهب وأنتخب إبراهيم وأكد زوجها ذلك أيضا ، وعند نزولهم من السيارة ، لاتنسوا الذهاب للإنتخابات ، لا ننسى سنذهب وننتخب إبراهيم .
3- كنا في التاكسي من الصويرة الى بغداد ، وكان السائق منفعلا من أجل أن يؤكد ايمانه المطلق بالمالكي وقيادته ... هو الوحيد الذي يدافع عن الشيعة ولكن لا يدعونه يعمل مادام الخليج موجودين يستمرون بخلق المشاكل للحكومة ، السنة حكمتنا 1400 سنة وهم الآن يناضلون من أجل أخذها ، وبعد مناقشة بخطأ تناول الموضوع من وجهة نظر طائفية ، أكد وبإنفعال أن لديه إثبات على كلامه ، وهذا الإثبات هو انهم استدعونا الى النجف وكان عددنا 120 شخص وأكدوا في الإجتماع انه ليس هناك مشكلة مع الحكومة لتقديم الخدمات ولكن السنة لا يدعونها تشتغل ولذلك يجب انتخاب المالكي بأصوات عالية لتشكيل حكومة ، لأن السنة والخليج يريدون الفوز وإعادة صياغة الدستور ويثبتوا فيه ان نسبة السنة %65 من سكان العراق ويأتوا برئيس وزراء كردي .
- طبيب أسنان وزوجته في زيارة لأحد أقاربه وكنا في زيارتهم في نفس الوقت ، بدأ بهجوم قوي ضد كل ما تحدثنا فيه عن الطائفية السياسية والفساد وأكد وجودالفساد وهذا ممكن معالجته ، ولكن الآخر ( يقصد السنة ) إذا استلموا الحكم سوف يسرقونك ومن ثم يقتلوك ، فأيهما الأفضل !! .
- وفي مقابلة تلفزيونية لاحدى المرشحات من البصرة صرحت إن جل اهتمامها في حالة الفوز هو إقرار وتطبيق قانون الأحوال الشخصية الجعفري وهذا القانون يبيح الزواج من بنات أطفال بعمر 9 سنوات .
- ومشهور قول الدكتورة والنائبة حنان الفتلاوي من انها تريد إذا قتل سبعة أشخاص من الشيعة أن يقابلها قتل سبعة أشخاص من السنة .
هذا هو المنطق والفكر الذي يغرسونه في أذهان الناس ، سواء كان سائق التاكسي أو طبيب الأسنان أو مرشحة البصرة أو الدكتورة النائبة ، إن النظر الى الامور من ناحية الطائفية السياسية تلغي من تفكير هؤلاء الناس الامور الطبقية والسياسية والثقافية والحياة الأفضل لجماهير شعبنا وعوائلهم وأطفالهم . إن قوى الإسلام السياسي وخاصة التي ترى مستقبلها سوى في اشعال نار الطائفية بشكل مستمر ، حريصة كل الحرص أن تبقى المعركة الثقافية في مجال نظرتها وما تخطط له وذلك لإبقاء شرائح واسعة من الناس تحت هيمنتها ، وهذا ما يعطي الجواب على السؤال الملح ، كيف عاشت الجمهرة الواسعة من الناس لمدة عشر سنوات تحت هذه الضروف الإقتصادية والأمنية والخدمية والثقافية والأزمات المستمرة ، ويعيدون بايديهم انتاج نفس ما مروا به سابقا .
4- لقد استفاد المالكي وحزبه من ذلك كثيرا ولكنهم تركوا سمومها تنتشر أكثر فأكثر في المجتمع العراقي ، وهذه السموم تنتشر بسرعة غير أن معالجتها ومعالجة آثارها تستغرق زمنا طويلا والكثير من المعانات . لقد حاصرته أزمات الحكم وبدأت اصوات الناس ترتفع ضد سياسته ، وحاصرته الدعوات للتغيير من كل الجهات ومن المرجعيات الدينية أيضا ، والإنتخابات تطرق الأبواب ، فما العمل ، لا وجود اساس وإمكانية لإنقلاب عسكري كما كان يحدث في السابق فلجأ الى فض الإعتصامات وتلتها أحداث الأنبار والفلوجة ، ولحد الآن لم نسمع الجواب الصريح ، كيف دخلت داعش والقاعدة بذلك الإستعراض الى الرمادي والفلوجة ، ولحد الآن يبقى اللغز محيرا في أذهاننا عن سدة الفلوجة وقطع مياه الفرات ومن ثم غرق مساحات واسعة في أبي غريب وتهديد مناطق من بغداد . في الوقت الذي قصف الطيران العراقي قبل أيام رتلا من 12 صهريج داخل الأراضي السورية كانت تنقل المشتقات النفطية الى داعش والقاعدة في العراق . وسدة الفلوجة لم نسمع عن أي حدث عسكري فيها أو قربها ، والسدة لا تسير أو تنتقل ولا يمكن تحويلها أو إخفائها .... .
5- لوحظ ضعف كبير في تصويت الخارج وهذا لم يأت اعتباطا بل إن إجراءات الحكومة والمفوضية هي السبب الرئيسي في ذلك ، في البداية لم يحسموا إجراء الإنتخابات في الخارج وكان هناك تردد في ذلك وعندما قرروا ذلك جرى الإلتفاف على هذا القرار ، حيث طلب من الناخب في البداية جلب نسخ مصورة للجنسية وشهادة الجنسية ، وقبل الإنتخابات باسبوعين الغيت هذه التعليمات ، وجرى التأكيد على ابراز النسخ الأصلية للجنسية وشهادة الجنسية ، وهذا فيه استحالة للكثير من الناخبين لضيق الوقت ولأن هذه الوثائق تحتاجها عوائلهم في العراق من أجل معاملاتهم الرسمية – ابنتي لينا في السويد طلبت إرسال وثائقها ووثائق زوجها بالبريد الدولي السريع فسافرت الى بغداد الى مكتب البريد السريع DHL وهناك أخبروني إن الوثائق ستصل خلال اربعة أيام ، وكانت كلفة ارسال هذه الوثائق 83 ألف دينار عدا اجور السفر الى بغداد والعودة منها ، هذا هو السعر الإنتخابي للناخب العراقي في الخارج ، إنه شئ تعجيزي . ولهذا كانت نسبة التصويت في السويد بأوضاعها الأمنية والمادية المريحة 20% .
6- هذه الحملة الدعائية الإنتخابية الهائلة والمشوشة والتي كتب في لافتاتها وبوستراتها وصورها الشئ العجيب والغريب عن الواقع ، غاب عن مفرداتها شعار االعدالة الإجتماعية ، عدا شعارات التحالف المدني وبعض المرشحين هنا وهناك . فمن يتصارع على النفوذ والمكاسب سوف لن تكون أمام ناظريه العدالة الإجتماعية والجماهير الشعبية المسحوقة واحتياجاتها ... كما غابت مفردة المصالحة الوطنية أيضا ، فالحرب الدعائية الطائفية المعلنة لا تتوافق مع مفهوم المصالحة ، وبدلا من الحرص على عدم إنجرار الناس الى جانب القاعدة وداعش أو الوقوف متفرجين ، جرى دفع الكثيرين الى التمرد ليس مع داعش والقاعدة ولكن لأسبابهم الخاصة وهم من قاتل القاعدة وطردها من مناطقهم سابقا وقسم من قادتهم كانوا مع العملية السياسية وفي قائمة دولة القانون في الإنتخابات السابقة مثل الشيخ علي حاتم .
7- لوحظ في هذه الإنتخابات تشتت جميع القوائم السابقة ، ولوحظ إتحاد و تحالف قوى التيار الديمقراطي ، لقد تشتتوا بفعل مصالحهم ولبقاءهم على نهج الطائفية السياسية والمحاصصة ، إنها تأثير أزمة الحكم . أما الجديد النامي فهو ما يعكسه التحالف المدني ، والحياة والمستقبل دائما لما هو جديد برغم ما سيحققه من نتائج الآن .