المنبرالحر

تريد أرنب أخذ أرنب ... تريد غزال أخذ أرنب ... !!!/ د. ناهدة محمد علي

أينما تجولت بين ثنايا الفيسبوك وجدت الأصبع العراقي ( البنفسجي ) يمده الفرد العراقي الى الشمس عالياً علّه يُقلل من حريقها لكنها ورغم كل الأيدي والأصابع الممتدة لا زالت تحرق جلود العراقيين .
لم يفت الكثير من الواقعيين بأنه رغم مناداة الجميع بالديمقراطية لا تزال هذه الكلمة نبته لا جذور لها فينا ، فنحن قد تربينا على عدم المساواة ، وعدم المساواة في كل شيء وفي كل من . فالدستور العراقي القديم والجديد يقول لا فرق بين القوميات والأديان ولا فرق بين أبناء وبنات الشعب العراقي ، ولا فرق بين الأغنياء والفقراء ، لكن الحقيقة أن هناك فرقا وفرقا وفرقا .
فلقد تربينا على أن يكون الذكر ذكر والأنثى أُنثى ، وتربينا على النكات البذيئة حول القوميات الأخرى، وعلى تحاشي أهل الكتب السماوية الأخرى، وربما لم يكن العُنف المرئي موجوداً من قبل، لكن شدة غليان المشاكل الإجتماعية والإقتصادية إنعكس عصبياً على فروة رأس الفرد العراقي المظلوم حتمياً وأزلياً، فهو يسكن الصرائف وتحت قدميه معظم إحتاطي العالم من النفط ، ولا مشكلة هنا ، فإن كل البلدان الفقيرة هي غنية بثرواتها فقيرة بمستوى دخل أفرادها وإذا تساءلنا كيف نحل هذه ( الحزورة ) أقول إن الحل سهل، فكل الجيوب العملاقة العالمية والمحلية تأخذ معظم مردود المحاصيل وتبقي القليل لأفراد الشعوب، ولا بد هنا من طرد هذه الجيوب لكي تحل محلها الجيوب الفارغة. لقد قرأت مؤخراً بأن هناك شركتين عالميتين تسيطران على معظم المحاصيل الزراعية الهامة في العالم وتبقي القليل لأفراد الشعوب المنتجة ، فهي تحتكر شراء وتسويق محصول الموز وحبوب الصويا مثلاً وتبقي للمحليين 10% من المردود المالي ويبقى المزارعون والمنتجون بأوضاع إقتصادية وصحية رديئة يشربون الماء الملوث ولا يأكلون الطعام الكافي . فيا تُرى من يسرق القوت العراقي ، ولِمَ يبيت الكثير من أطفال العراق بمعدة خاوية، ولِمَ يبني اليتامى لأنفسهم بيتاً من القماش وأعواد النخيل، ولِمَ لا زال الكثير من العراقيين يعطف بعضهم على البعض الآخر رغم جو الكراهية السائد، ولِمَ نجد حبوب العقاقير المهدئة في جيوب الكثير من أبناء العراق، وعلى أي رصيف يسير العراقيون إذا كانت كل الأرصفة ملغمة بالسيارات المفخخة، ثم كيف يحرق المسلمون محصول الحنطة ويمنعون الماء عن أطفال المسلمين، وماذا أيضاً ؟ . وأعجب كيف تبقى بقية من الطيب العراقي وسط العالم الوحشي هذا، وبعد هذا لا زلنا نتحدث عن الديمقراطية، عن أي ديمقراطية تتحدثون، وكيف تُحدث غريقاً عن الديمقراطية وهو يصارع الموت ليطفو. إن ما أراه أن الناس تحتاج خبزاً وأماناً لا أحزاباً تدعي كلها الديمقراطية، لكنها حينما تعتلي صهوة الكرسي تصاب ( بالزهايمر ) وتنسى وعودها ، لذا ما أراه أن الناس تريد أن يصمت الجميع وتتكلم الضمائر، وإذا كانت هناك محاولة حقيقية للتغيير فأنه مرعب، ما يجب أن يحدث لأنه تقويض لكل البنى الأساسية المادية المتعفنة بكل مرتكزاتها، وإلى أن يحدث هذا، وإذا حدث فهناك دخان وأتربة تحتاج الى وقت طويل لتهبط الى الأسفل وتصفو السماء ليظهر لونها الحقيقي .