المنبرالحر

مفوضية الانتخابات ولعنة المحاصصة (تجربة السويد)/ مازن الحسوني

هذه الملاحظات هي عن تجربة معاشة في العمل لدى المفوضية في السويد.
أرسلت المفوضية من بغداد مجموعة من موظفيها لادارة الانتخابات في مملكة السويد وكانت المجموعة مقسمة حسب نظام المحاصصة السيئ . وبرزت من الأيام الأولى طبيعة هذا النظام السيئ حيث جرى تعيين مدراء المحطات حسب رغبة هؤلاء الموظفين وكان القسم الأكبر منهم من الأخوة الأكراد لأن من تكفل بمقابلة المتقدمين للعمل كان من الأخوة الأكراد، وهنا أذكر أنني ليس لدى موقف من الأخوة الأكراد بل العكس أنا متزوج من كردية ونزفت دمأ في كردستان لأجل حقوق الشعب الكردي والعراقي أيام حكم المقبور وأفتخر بكل هذا. هذا الانحياز الكبير في نوعية المدراء أثار حفيظة الإسلاميين مما جعلهم يطلبون قومية كل موظف من مدراء المحطات ليبتزوا الطرف الكردي بهذه الحقيقة وتبدأ عملية (شيلني وشيلك) في تعيين المدراء ونفس الشيئ مع منسقي (مديري) المراكز الانتخابية. هذه الصيغة من التعيينات أثرت بشكل كبير على طبيعة الكفاءة في الاختيار.
بعد دخول هؤلاء جميعا دورة اعداد لادارة الانتخابات من قبل مدربين تدربوا في تركيا وكان من المؤمل أن يختار المدربون أفضل الكفاءات في الدورة لأجل ان يكونوا منسقي المراكز، جاء القرار أن التعيين سيكون حسب المحاصصة وهو ما جعل البعض لا يهتم بمعلومات الدورة ولا يعير أهمية للكادر التدريبي أو الموظفين الآخرين بل كان جل الاهتمام هو ارضاء الجهة التي عينته وهو ما خلق روحاً غير إيجابية بين الموظفين.
بعد أيام جرى إعداد دورة لكل الموظفين العاملين في المحطات، وهنا كانت التعيينات كذلك على نسب المحاصصة ما عدا أعداد قليلة خارج هذه المحاصصة، لا بل جرى تعيين مدراء محطات دون دخولهم دورة الإعداد وحتى موظفين جرى تعيينهم بعد اليوم الأخير من دورة أعداد الموظفين وكانت التعيينات كلها بدعم من هذا الطرف أو ذاك.
عملية الإعداد السيئ كانت واضحة أثناء دورات الاعداد حيث لا برامج أو أوقات أو احترام لمواعيد أو معرفة ساعات العمل، وحتى الموظفون كان يجري تغييرهم سواء في العمل أو الغاء عملهم حسب نظام المحاصصة لأننا في كل مرة نسأل عن سبب تعيين هذا الموظف أو عدم تعيين الآخر يأتي الجواب هذه رغبة مكتب المفوضية.
كل هذه الظروف السيئة كانت واضحة في أيام الانتخابات من حيث كفاءة المنسقين (المدراء) وكيفية أدارة الانتخابات، وهنا أود أن أذكر أن هذه المعايير السيئة في التعيينات لم تَحُل دون أن يعمل مدراء المحطات والموظفون بكل صدق ونكران ذات عالٍ، لا بل كانت كل محطة هي عبارة عن بيت عراقي أجتمع فيه أبناء العراق من مختلف الجهات وكان همهم الوحيد هو إنجاح الانتخابات وتحويل المحطة الى نموذج في المودة والطيبة بين الجميع حيث كانت وجبات الطعام العراقية حاضرة وكذلك الحلويات العراقية، خاصة وأن المفوضية لم تقدم ما يحتاجه الموظف من مستلزمات في ساعات عمل تمتد من الساعة 7.30 ولغاية الساعة 11 مساء وفي يوم العد والفرز الى الساعة 1 من منتصف الليل (ما قدمته المفوضية وجبة غداء فقط) هذا الجهد الواضح من الموظفين كان مبعث ارتياح ممثلي الكيانات السياسية الذين لم يسجلوا أية شكوى ضد المحطات.
أثبتت هذه التجربة بأننا لا نفقه أي شيء من كيفية البرمجة والاعداد لمواضيع خطيرة مثل الانتخابات لأن من أدار هذه المهمة سواء من جاء من المفوضية من العراق أو من يعيش في السويد جاءوا من خلال المحاصصة.
يبقى السؤال الأهم هو متى ننتهي من نظام المحاصصة الذي دمر كل المعايير العلمية والانسانية في العمل والتعامل بين الناس، هل ستجلب لنا الانتخابات الحالية قوى ترمي هذا النظام القذر (المحاصصة) في المزبلة، أم ستعود حليمة لعادتها القديمة طالما الهم الأكبر هو ضمان حصة هذا الطرف أو ذاك وليذهب ما تبقى من الوطن الى الجحيم؟ ماذا ستقولون يا قادة بعد هذه التجربة البائسة (المحاصصة) في إدارة كل مفاصل الدولة ومنها الانتخابات؟