المنبرالحر

سياسة امريكا لاذلال الشعوب والموقف الروسي /ألفريد سمعان

لم يعد خافيا على احد بان امريكا تدس انفها في شتى ربوع العالم.. والامثلة متنوعة وعديدة. والكيل دائماً يكون بمكيالين وحسب مصالح امريكا التي تفرض نفوذها على الدول الاوربية وغالباً ما تدفع بهم لاتخاذ مواقف صارمة وجدية، دون ان تعلن عن تدخلها المباشر في اية قضية. ولن يغيب عن البال (الحماس الكبير) لتوحيد الالمانيتين الشرقية والغربية في حين تعرضت يوغسلافيا الاتحادية (للتمزيق) فكانت كرواتيا، وصربيا، ومونت نيغرو، وآخر ما جرى انفصال كوسوفو التي تحولت اثناء الحرب الى سوق كبير للمخدرات والحشيشة والافيون ومؤسسة هائلة لاستيراد الفتيات الجميلات وتصديرهن الى البلدان التي تتفاني في شراء العاهرات بما تمتلك من دولارات ومعظمهم من الشيوخ الكبار جدا في البلدان العربية التي تمتلك دوراً خاصة مجهزة بآخر منجزات الحضارة من التنظيم والاناقة واثارة الشهوات في حمامات خاصة ومطابخ تحير الاذواق فيما تجد فيها من مغريات غذائية. وما بعد كوسوفو وتشكيل (جيش التحرير الالباني) ولا ادري اين هو هذا الجيش الذي لملم كل الاشقياء والقتلة في الاوساط الغربية لمقارعة الانظمة المستقرة.
ولعل آخر المناورات الامريكية بهذا الصدد هو (الربيع العربي) الذي شهد انتفاضات من اجل الخبز والحرية ولكنه تحول بفضل (اموال الشيوخ) الى ربيع اخواني وانهاك المجتمعات العربية بالعلاقات الاجتماعية الصارمة، وتخصيص جداول ومؤتمرات وتصريحات (العلماء؟!) ولا ادري كيف اصبح هؤلاء علماء هذا اللقب الذي غالباً ما يقال اصحابه طيلة حياتهم في الميادين الصناعية والعلمية والفلك وليس في الانشاء، واعادة تفسير ما شبع من التفسير والمراجعة المنسوخة من كتابات الاجيال التي سبقتهم ووضعوا قواعد اخذت سماتها الواقعية والاجتماعية والانساني? في التشريعات والقوانين التي تنظم حياة الشعوب. والخلاصة فقد اصبح الربيع العربي مقبرة هائلة للملايين وانهارت الانظمة الاقتصادية وتمزقت وحدة الشعوب على يد العصابات المسلحة وتعرضت دولة على حدود اسرائيل لمأساة رهيبة وهي سوريا على يد مسلحين تنفق عليهم بلا حياء قطر والسعودية وسواها من الثروات النفطية. ولا ادري اين هو المنطق السليم والتآخي العربي؟ ترى لماذا لا تقدم هذه الدول الثرية اموالها للشعوب الضعيفة لتطوير الزراعة وانشاء صناعات مختلفة تتوفر فيها المواد الاولية لتلك الصناعات، ونحن لا نطالبها بتقديم (هدايا) بل?مشاريع تسهم في مكافحة البطالة وتطوير الاقتصاد ورفع مستوى المهارات وبالتالي خلق حالة مستقرة على ان تجني هذه الدول ارباحها بشكل عادل. والخلاصة فقد حولوا اموالهم وكرسوها للقتل والذبح والانتهاك وتدمير هذه البلدان وها هي تدفع الثمن ضحايا وخراباً ودماراً. وتود اليها بطلة الحلبة امريكا ووزير خارجيتها كيري، الذي يبدو ساذجاً في تصريحاته ترافقه كاترين اشتون الناطقة باسم الاتحاد الاوربي التي تجيد (فن تبادل القبل) مع كبار المسؤولين كما نرى في اللقاءات والاجتماعات، ولا ادري من الذي كلفها ان تدس انفها في كل بلدان العالم
وتطلق التصريحات بلغة دبلوماسية تعتقد ان الآخرين بلهاء لا يفهمون مقاصدها وسلوكها الردىء. وتجيد الادوار التي تنسب لها فترتدي (غطاء الرأس) عندما تذهب الى ايران وترتدي او لا ترتدي شيئاً في اماكن ومناسبات اخرى، وها هي تنادي وتعلن ان على موسكو ان تعود الى رشدها وما زال هنالك امل في الوصول الى حلول سياسية في الوقت الذي جنّد الغرب (وهي تعرف ذلك) كل الفاشست لاسقاط السلطة الشرعية في اوكرانيا، رغم استجابتها لمطالب الفاشست الذين حاربتهم امريكا في الحرب العالمية الثانية وها هي تعيد تجميعهم طالبان افغانستان وبقية التجمع?ت الارهابية والزمر التي تحمل اسماء مختلفة وتصر على قتال الحضارة وارتكاب جرائم يندى لها الجبين: خطف الراهبات، استغلال المراهقين وتسليحهم، ونكاح الجهاد وكل ما يثير الاحقاد والطوائف والشقاق حتى في صفوفهم التي بدأت تتصارع وتتقاتل للحصول على الحصة الاكبر من الكعكة الكبيرة.
لقد فوجئت امريكا وازلامها بالموقف الروسي الذي ادرك قادته وعلى رأسهم بوتين بان امريكا لم تكتف بتمزيق الاتحاد السوفياتي العظيم والتدخل هي وحلفاؤها في الشؤون الداخلية في بلدان القوميات والاتجاهات الدينية فاخذت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة وتطويق روسيا التي سبق ان اوقفت العدوان الثلاثي على مصر، ودعم مصر في حرب 1973. وهي تعرف جيداً موقعها ومكانتها لدى بقية الشعوب ولا سيما البلدان النامية، ولذلك تعرضت لموقف غريب واعتقدت ان روسيا سوف تركع في اوكرانيا لمؤامراتها الفاشية الكبرى. ومن السخرية ان تقوم امريكا وحلفاءها بفرض عقوبات، ويا لها من مهزلة فقد حجزت اموال اثرياء روسيا في اوربا في حين ان الرأسمالية تدعي انها تحترم الملكية الفردية، فكيف تتخذ مثل هكذا اجراء وهل توافق على حجز بنوكها في البلدان الاخرى على سبيل المثال؟ ثم تقوم بالغاء تأشيرات السفر لبعض الشخصيات السياسية وكأنهم اطفال في ساحة مدرسة امريكية.
ان الردّ الروسي اضاء السماء بنور جديد ولقن امريكا وحلفاءها درساً لا ينسى في مجال العلاقات السياسية والكشف عن النوايا السيئة - كما هي العادة- في التدخل والفضول غير المقبول في التحكم بالآخرين. ولعلنا لن نغالي حين نفضح نفاق اوباما عندما يقول للفلسطينيين: (عليكم اتخاذ مواقف صعبة) ولا يقول لهم يجب ان تحنوا رؤوسكم لما نريد. ولهذا حديث آخر يا قادة اكبر عصابة للقتل والتدمير في العالم.