المنبرالحر

حماية الانابيب النفطية / محمد شريف ابو ميسم

تتعالى الأصوات هذه الايام لوضع حد لعمليات التخريب التي تتعرض لها انابيب النفط الناقلة وتحديدا انبوب نفط كركوك ـ جيهان التركي بعد التصريحات التي تكررت بشأن تقارير دولية أشارت الى ان العراق يخسر يوميا نحو 25 مليون دولار نتيجة لتكرار هذه العمليات التخريبية.. وتتكثف هذه الدعوات عند فكرة (الاستعانة بالخبرات الدولية والشركات العالمية الامنية المتخصصة بحماية المنشأت النفطية لحماية الانابيب النفطية).. ومن الواضح ان متبني هذه الفكرة حريصون على وضع حد للهدر المتواصل في المال العام والثروة النفطية ، بعد ان فشلت الاجهزة الامنية في توفير الحماية الكافية لانابيب النفط الناقلة خلال السنوات الماضية المفعمة بالارباك السياسي والامني الذي نجحت في اعادة انتاجه يوميا القوى المعارضة لمشروع التغيير السياسي في البلاد بعد العام 2003 .
بيد ان تجاهل معالجة الخلل والقفز على الحلول باتجاه الاستعانة بالشركات الامنية الاجنبية فيه الكثير من الملاحظات الجديرة بالوقوف عندها ..الامر الذي يذكرنا بدعوات الخصخصة التي تتكرر بين الحين والاخر بشان الشركات العامة الخاسرة التي تكون خساراتها بدواعي سوء الادارة والقصدية في افشال الانتاج وتسويقه برغم الدعم الهائل في جلب الخطوط الانتاجية الحديثة ازاء اغراق سلعي كبير، فتكون الخسارة وعدم تغطية الكلف الادارية مدعاة للخصخصة مثلما يكون تكريس الفساد وترسيخ مقوماته مدعاة لدعوات بيع القطاع العام بمجمله للقطاع الخاص على اعتبار ان الفساد وباء لا خلاص منه الا باللجوء لبيع الشركات العامة..
ان الذين يدعون للاستعانة بالشركات الامنية الاجنبية بهدف حماية انابيب النفط ، يقفزون فوق أسباب الفشل في حماية هذه الانابيب (اذ ان اهل البلاد اذا ما فشلوا في مثل هذا الامر فان اسباب الفشل لايمكن معالجتها من قبل الاجنبي الا باستباحة البلاد ) فالامر لا يتعلق بتقانات غير متوفرة ، لان وفرة تخصيصات هذا القطاع واولوية حمايته بوجود الشركات النفطية الاستثمارية العالمية، يمنح العراق القدرة على جلب هذه التقانات التي يمكن ان تستخدمها الشركات الاجنبية من قبيل اجهزة الرصد والتنصت والكاميرات ، أو بناء ممرات خرسانية على الانبوب في المناطق الاكثر تعرضا للتخريب، والى ما هنالك، وبخلافه فان الامر يعني وجوداً للقوات العسكرية واستخداماً للاقمار الصناعية مع ملحقاتها التي تستبيح الديار والاسرار، وهذا ما قد يدفع البعض للاعتقاد بدور ما ، في استهداف هذه الانابيب بمناطق محددة وبشكل متكرر دون وجود حلول لهذه الاشكالية، مع تهافت الكثيرين ممن يسمون انفسهم بالخبراء الامنيين أو الاقتصاديين على فكرة الاستعانة بالشركات الامنية الاجنبية ، وكانها تملك عصا سحرية لحل هذه الاشكالية التي تحيط بها الكثير من الشبهات .
ان تكرار هذه الدعوات وفي هذا الوقت تحديدا الذي تحاول فيه القوى السياسية النافذة ان تشكل التحالفات باتجاه ولادة حكومة تؤسس لنجاحات استباقية على مستويات مختلفة، يعطي رسالة مفادها التاسيس لفكرة عودة الشركات الامنية التي يمكن أن تساهم في تحقيق النجاحات الامنية المطلوبة..ما يؤسس لمرحلة جديدة ربما يكون ثمن الاستقرار فيها هو وجود اجنبي من نوع يرضي بعض الاطراف .