المنبرالحر

هل تحقـق الاختراق ؟ / مرتضى عبد الحميد

خاضت القوى الوطنية والديمقراطية العراقية صراعاً مريراً ، وعلى اكثر من جبهة طيلة سنوات ما بعد السقوط ، لبلورة تيارها وايجاد الاطار التنظيمي والسياسي المناسب لها . وقد نجحت في ذلك الى حد كبير ، رغم الظروف الصعبة والمعقدة التي وجدت نفسها فيها ، والبيئة السياسية غير المواتية لعملها ، بسبب الاستقطاب والتجييش الطائفيين ، والارهاب والفساد اللذين اتيا على الاخضر واليابس ، وبضمنها الارهاب الفكري المسلط على هذه القوى ذاتها ، والسعي لمحاصرتها وعدم فسح المجال امامها ، للتمدد في فضائها الطبيعي وهو فضاء واسع يشمل الغالبية العظمى من العراقيين ، اصحاب المصلحة موضوعياً في اقامة نظام ديمقراطي حقيقي في العراق يستطيعون من خلاله التمتع بكامل حقوقهم الفردية والجمعية . وهنا لابد من الاعتراف بأن قسماً كبيراً من هذه الغالبية العظمى لا يعرفون اين يضعون اقدامهم ، لان بوصلتهم معطوبة ، او مشوشة ، او تراكمت عليها شوائب الهويات الفرعية .
ومع ذلك استطاع المدنيون الديمقراطيون تحدي اكداس الصعوبات والعراقيل وتأسيس نواة صلبة ، سرعان ما نمت واثمرت رطباً جنياً ، رغم ان التربة التي نبتت فيها اريد لها ان تظل مجدبة وغير قابلة للاستنبات لكن عزيمة هؤلاء العاشقين لشعبهم و وطنهم استطاعت ان تحقق بعض ماكان يصبو اليه كل من يعز عليه العراق شعباً و وطناً ، وهم واثقون ثقة لا حدود لها بان هذه الشجرة المباركة ستكون وارفة الضلال في المستقبل .
بهذه الروحية المتفائلة حد اليقين خاضوا التجربة الانتخابية الاخيرة ، تحت مسمى ، التحالف المدني الديمقراطي .. واضعين نصب اعينهم هدفاً يتناسب تماماً مع ميزان القوى السائد في حياتنا السياسية حالياً وحققوا الفوز بخمسة مقاعد في البرلمان القادم ، احدهم شيوعي والاخرون من الشخصيات المرموقة في التحالف ، الامر الذي يعتبر بداية طيبة لعملية التغيير التي نريد لها ان تتجسد على ارض الواقع فعلاً وليست مجرد مزايدات سياسية ، او ايغالاً في عملية الغش والخداع والتزوير السائدة الان .
ورغم ان هذه النتيجة لا تلبي الا بعضاً من طموح الشيوعيين ، فأنهم سيظلون يعتزون بحلفائهم ، ويعملون معهم كفريق واحد من اجل تمثيل مصالح العراقيين افضل تمثيل ، وتخليص وطننا الحبيب من كل المعايب التي لحقت به .
ان حملتنا الانتخابية التي خاضها رفاقنا و اصدقاؤنا و مرشحونا بأفضل ما يكون فتألقوا وبذلوا جهوداً استثنائية للألتقاء بالناخبين مهما كانت الصعوبات والمخاطر ولم يتركوا مقهى او شارعاً او مدرسة او تجمعاً الا وشاركوا فيه بحماس وحيوية الامر الذي أثمرعن مضاعفة اصواتنا التي حصلنا عليها في الانتخابات السابقة اكثر من ثلاث مرات ، وبذلك تضاعفت
شعبية الحزب وحلفائه ، وتضاعف العزم ايضاً على المضي في ذات الطريق المشرف الذي سيوصلنا الى عقول وافئدة ابناء شعبنا الطيبين .
هذا هو النجاح الكبير الذي حققناه واستطعنا بفضله اختراق جدار الطائفية البشعة ، وما رافقها من محاصصات قاتلة وفتحنا كوة للأمل سيعمل رفاقنا ورفيقاتنا واصدقاؤنا وحلفاؤنا ببسالتهم المعهودة وبأصرارهم على النضال المتفاني من أجل توسيعها لتغطي الوطن كله وليكون العراق معافى ارضاً وشعباً وثقافة ونسيجاً اجتماعياً .
نعم تحقق الأختراق وحصلنا على القليل ، لكنه يبشر بالخير ، و أول الغيث قطرٌ ثم ينهمر .