المنبرالحر

حماية الأموال والفصل السابع / محمد شريف أبو ميسم

يخلط البعض بين قرار الحكومة الأمريكية بتمديد الحماية على الأموال العراقية لعام آخر ، وبين استمرار بقاء العراق تحت طائلة الفصل السابع ، فيما يزداد الخلط مع تصاعد وتيرة الأخبار والتقارير التي تتحدث عن دعوة الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون مجلس الأمن الى إخضاع المسألة الخلافية الإنسانية الوحيدة المتبقية بين العراق والكويت إلى البند السادس من ميثاق المنظمة الدولية الذي يحث الدول على حل خلافاتها بالطرق السلمية بدل الفصل السابع الذي يخول مجلس الأمن فرض ارادته بالقوة أما عن طريق العقوبات أو التدخل العسكري.
وهنا لابد من التذكير بقرار مجلس الأمن 1959 لعام 2008 الذي أسس لهذا الخلط لدى النخب السياسية العراقية فراحت تروج بما يحلو لها من أقاويل وتصريحات زادت الرؤية لدى العامة من الناس ضبابية، اذ عد القرار في حينه خروجا للعراق من طائلة الفصل السابع (على اعتبار ان الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة ألزمت الأخيرة بالعمل بهذا الاتجاه) ،وراح البعض يتكلم عن استعادة العراق لدوره الطبيعي ووضعه القانوني الذي كان فقده بعد غزو الكويت في 2 آب عام 1990 ، في حين ان هذا القرار لم يخرج العراق من طائلة الفصل السابع، لكنه أقر بان العراق لم يعد يشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين، وتعهد بإعادة النظر بجميع القرارات المتصلة بالعراق على خلفية غزو الكويت عام 1990» ابتداء بقرار مجلس الامن الدولي رقم 661 في 6 آب 1990. ومنح العراق امكانية التصرف في امواله، التي جعلها محمية وهي في حساب صندوق تنمية العراق لمدة عام واحد فقط من قبل الامم المتحدة، وحين انتهت المدة المقررة لحماية هذه الأموال من قبل الامم المتحدة في العام 2009، طالب العراق من حكومة الولايات المتحدة وعلى وفق ما ورد في الاتفاقية الأمنية بين البلدين حماية هذه الأموال من الدائنين التجاريين الذين استطاعوا أن يكسبوا حوالي 3500 قضية ضد العراق بمبالغ وصلت قيمتها 7.2 ملياراتات دولار ، قام العراق بتسديدها لهؤلاء الدائنين بوصفها ديون منحت للطاغية المخلوع عن تسويق أو بيع سلع ، والمفارقة هنا ان العراق لا يملك ما يثبت صحة دعاوى هؤلاء الذين يقدمون أوراقهم واثباتاتهم للمحاكم العالمية المختصة دون أن يعرف العراق بأوليات تلك القضايا، وظل شبح الدائنين التجاريين يشكل خطرا مستمر على هذه الأموال، ما دفع بالجانب العراقي تحت ظروف الارباكات السياسية لمطالبة الحكومة الأمريكية بتجديد هذه الحماية سنويا، كان آخرها الطلب الذي أوصت به اللجنة الاقتصادية الوزارية قبل نهاية فترة الحماية للسنة الماضية في 22/ آيار في هذا العام والذي جاءت على اثره موافقة الرئيس الأمريكي أوباما لتجديد حماية الأموال العراقية في حسابات الفيدرالي الأمريكي .
وتتزامن موافقة الرئيس الأمريكي هذا العام مع توصية الامين العام للامم المتحدة لاخراج العراق من الفصل السابع لتقارب وجهات النظر بين العراق والكويت، نتيجة الحراك السياسي والتفاوضي بين البلدين ، وخروج العراق من الفصل السابع سيعطي غطاء قانونيا ودوليا تعتمد عليه الحكومة العراقية لتوسيع نشاطها وحماية أموالها بعد خمس سنوات من تحريرها من الوصاية الدولية التي فرضت عليها في العام 1990 .
والسؤال هنا « متى سيتمكن أبناء العراق من حماية أموالهم وطي صفحة الدائنين؟ « وهل ستكون لهذه القوى التي تتصدر المشهد الحالي ارادة وطنية موحدة للوقوف بوجه مافيات سوق المال العالمي؟ التي عرفت بقدراتها العالية بالالتفاف والتحايل القانوني بهدف ابتزاز الأموال من الدول والشركات والأفراد بأساليب متنوعة ، هذه المافيات التي تلبس لباس الوكالات القانونية والقضائية للدائنين استطاعت أن تفبرك العديد من القضايا ضمن 3500 قضية قام العراق بدفع مستحقاتها ، وبالتالي هل ستقف هذه الوكالات عند هذا الحد؟
ان حل هذه الاشكالية الوطنية يمكن ان يتخذ مسارين احدهما السعي للتوصل الى اتفاقات مع الولايات المتحدة، لايجاد تسوية شاملة لمجموع هذه المطالبات و الحل الآخر هو أن تكون هذه الأموال مودعة في مصارف ومؤسسات دولية مختلفة تؤمن الحماية المطلوبة لاموال العراق، بما في ذلك مصارف عراقية، لتكون القضايا المحتملة أمام أعين القضاء العراقي ، ولكن هل لدينا جهاز رقابي يستطيع حماية هذه الأموال من مافيات الداخل ؟
والأهم من ذلك ، هل لدينا ارادة وطنية حقيقية موحدة للدفاع عن سيادة أموالنا في ظل هذا التصارع المتواصل ؟