المنبرالحر

معلومة سهلة / قيس قاسم العجرش

«الصحفي» بعينٍ قانونية هو غير "المراسل الحربي". هناك إتفاقيات دولية تسمح للأخير أن يحوز وضع أسير الحرب وبالتالي يخضع لقواعد التعامل مع الاسرى.
لكن أسير الحرب وجب عليه أن يتبع قواعد معينة في حال وقوعه في الأسر. الصحفي هو الآخر له امتيازات مدنية ربما أفضل من احتسابه جزءاً من القوات العسكرية الواقعة في الاسر، والكلام كله في القانونيات، اذا ارادت مليشيا ان تصفيه.
سألتُ البروفيسور الذي أمضى 12 عاماً مراسلاً في أفغانستان ثم البلقان، هل من الأفضل أن يحمل الصحفي سلاحاً؟.. قال: لا.. وجود السلاح سيكون العذر الأسهل لقتل الصحفي..هكذا مات «مايكل دين» المصور التلفزيوني، فقد أصرّ على ان تكون لقطة الكاميرا التي يحملها، من زاوية حملة الهراوات والسيوف فاقتنصه قناص مصري.
وفي محاضرة لأستاذ اعلام في قسم دراسي يزاوج بينَ القانون والصحافة في إحدى الجامعات الغربية، كان السؤال يدور حول «صعوبة» الوصول الى المعلومات وأن هناك ممانعة قوية دونها وسدوداً عظيمة، ويتفنن الحكوميون في طريقة تغييب المعلومات في دهاليز المكاتب وبحجة المصلحة الوطنية التي يدعون بها سيصادرون كل شيء. كانت الإجابة بسيطة للغاية : أعزائي ولماذا تتوقعون أن تجري الأمور بـ"سهولة"!؟
الزميلة حنان كسواني التي كشفت عن صفقة البسكويت الفاسد المُرسل الى العراق والذي تم التلاعب بتاريخ صلاحيته، ربما ستكون بحاجة الى دروس جديدة في التحقيق الصحفي لتفهم اسباب الإهمال وعدم اتخاذ أي خطوة لمعاقبة الفاسدين، ربما عليها أن تتخفى مرّة اخرى لتفهم المعقولات في المجتمع العراقي. ومن بين كلمات الرثاء التي سمعناها في قتول الصحفيين، لم اقرأ أبلغ مما قالته المديرة العامة لليونسكو «أيرينا بوكوفا» في رثاء الصحفية الليبية «نصيب كرنافة» وخطيبها اللذين قضيا سحلاً بالقول: «أن مقتل كرنافة يلقي الضوء على ضغط لا يطاق يعيشه العاملون في مجال الإعلام وأقاربهم في بلد يحتاج إلى إعلام حر وحوار مفتوح من أجل إعادة بنائه ومعالجة آثار الفتنة التي تهزه».
وضعت «بوكوفا» إصبعها على جـُرح لدينا منه نسخة عراقية ليست أقل منه إيلاماً، ففي الوقت الذي يكون فيه مجتمعنا بأمس الحاجة الى إعلام حرٍ يفتح بصيصاً لديمقراطية حقيقية تأتي أصابع القدر، هكذا يروي نفسه لتفقأ عين الإعلام الموضوعي بآخر من نوع «هزّة ذيل الكلب» وهو اسم الفيلم الشهير لداستن هوفمان و روبرت دي نيرو.
في هذه الأثناء يستمر ناصر الغامدي بإدارة مؤسسة الفرقان (من مكان ما يتوفر فيه كل شيء) وهي اليد الإعلامية لتنظيم داعش وتنشر الفيديوهات وتصورها وتوصلها الى المستهلك وتؤثر فيه بنجاح ساحق.