المنبرالحر

التحالف المدني الديمقراطي .. نضال متواصل من اجل التغيير / كاظم فرج العقابي

خاض التحالف المدني الديمقراطي الانتخابات البرلمانية في 30/نسيان/2014 بمشروعه الوطني الديمقراطي الهادف الى بناء الدولة المدنية الديمقراطية من اجل اخراج البلاد من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية , المنتج لكل ازمات البلاد المختلفة بعد ان قطعت هذه الازمات شوطا طويلا تنخر في جسد الدولة العراقية وحياة المواطنين عموما والجماهير الكادحة بشكل خاص .
فكان نصيب المواطن العراقي منها حياة تفتقد الامن والاستقرار وتفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري والبطالة المستشرية ونسبة فقر عالية وتدهور الخدمات البلدية والصحية والتعليمية وضعف الاستثمار الداخلي والخارجي , والخصام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والنزاع بين السلطة الاتحادية والاقليم والمحافظات الاخرى , وانتهاك سيادة البلاد نتيجة للتدخلات الاقليمية في شؤونها وتفاقم الاعمال الارهابية في جميع مناطق البلاد بسبب ضعف وعدم كفاءة المنظومة الامنية والسياسية والقصور في طريقة تفهمها لحل المسالة الامنية .
وما تعانيه محافظة الانبار اليوم من اوضاع ماساوية حيث هجرة الالاف من سكانها بسبب العمليات العسكرية التي تشهدها المحافظة , والقصف العشوائي احيانا والذي يطول مدنها في محاولة لتحريرها من سطوة داعش وبعض الفصائل العشائرية المسلحة دون ان تكون للحكومة وقفة جادة وواعية لان معالجة امور المحافظة لايمكن حسمها بالحل العسكري فحسب , ولا بكسب هذه الفئة من المجتمع اوتلك باغراءات مادية اوغيرها دون حزمة اخرى متكاملة من الاجراءات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنفسية وبعيدا عن الخطاب الطائفي المقيت.
ولم يقتصر تردي الوضع الامني على محافظة دون سواها , حيث تشهد صلاح الدين , ديالى , كركوك , الموصل , جرف الصخر ومناطق الاطراف من المحمودية , توترا امنيا ونشاطا محموما لقوى الارهاب وتزهق ارواح العشرات من المواطنين عبثا دون طائل او ذنب ارتكبوه.
في ظل هذه الظروف الموضوعية المعقدة فضلا عن غيرها - خاض التحالف المدني الديمقراطي حملته الانتخابية - كالشحن الطائفي , وتاثيره على المواطنين والشعور بالاحباط لمجاميع واسعة من المجتمع وغرق بعض المناطق والتحدي العشائري وقانون انتخابات غير عادل وعدم حيادية مفوضية الانتخابات وتساهلها مع خروقات القوائم الكبيرة وغياب قانون الاحزاب واستخدام المال السياسي والتزوير وشراء الذمم وتوظيف المال العام وامكانيات الدولة في الحملة الانتخابية كذلك توزيع الاراضي ودور السكن والتوظيف كوسيلة للدعاية الانتخابية ، عدم الاستعداد والتاهيل لاستخدام التكنولوجيا في الانتخابات، التحجج بالوثائق في الخارج وحرمان المواطنين من التصويت فهناك اكثر من 15بالمئةمن المواطنين لم يستلموا البطاقة الالكترونية والتصويت لمرتين بالنسبة للقوات الامنية والعسكرية واستخدام الجيش والشرطة للترويج لقائمة معينة والضغط على المراتب العسكرية من قبل قادتهم للتصويت الهاواستخدام ماكنة الاعلام الحكومية لصالحهم .
وما هذه الا منتجات طبيعية لنظام المحاصصة الطائفية والاثنية والذي تدعمه القوى المتنفذة لادامة مصالحها الذاتية وبقاءها على سدة الحكم على حساب امن وتقدم البلاد . وبدون تغيير المنظومة السياسية والفكرية والتي تدار من خلالها شؤون البلاد , لايمكن ان يكون هناك خلاصا من الواقع المزري الذي تعيشه الجماهير وقد يتطور الامر سوءا ما لم تتم مواجهته بمشروع بديل الا وهو المشروع المدني الديمقراطي . ومن اجل هذا وضع التحالف المدني الديمقراطي ستراتيجية لخوض الانتخابات البرلمانية في ضوء تحليله لواقع ازمة البلاد وما تتطلبه من معالجات لتغيير موازين القوى لاجل اعادة بناء العملية السياسية بعيدا عن نهج المحاصصة وتامين شروط بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية مستفيدا من تجربته السابقة والنجاحات التي حققها في انتخابات مجالس المحافظات.
وحول الانتخابات وما رافقها نشير الى الاتي :
وقد تجمعت القوى المدنية الديمقراطية في تحالفها المدني الديمقراطي في بغداد وثماني محافظات اخرى وائتلافين رديفين وهما ائتلاف البديل المدني المستقل في البصرة والتحالف الديمقراطي في النجف 0
وخاض هذا التحالف حملته الانتخابية بنشاط واستطاع ان يكسب تعاطفا سياسيا مع طروحات برنامجه الداعي للتغيير وتقديمه البديل لنهج القوى المشاركة في نظام حكم المحاصصة الطائفية والاثنية , وكان ظهوره مميزا في مختلف الاوساط حيث لم يقتصر على اوساط المتنورين والشرائح المدنية والشباب والنساء وفي الجامعات والمعاهد بل امتد الى المصانع والمعامل والورش والى مناطق واحياء شعبية اخرى .
وكانت حملته الانتخابية من افضل الحملات التي خاضتها القوى المدنية والديمقراطية حتى الان , فقد اتسمت بالحماس والجراة والاندفاع وبنشاط جماهيري واسع عن طريق الندوات والحملات المتنوعة والمسيرات الراجلة حيث طافت احياء شعبية لم تطأها من قبل , الى جانب حملات طرق الابواب والتي شملت آلاف البيوت والاسر والفعاليات الثقافية والاحتفلات المتنوعة والتوظيف الناجح لمواقع التواصل الاجتماعي للترويج للقائمة وبرنامجها ومرشحيها .
وقد حصد التحالف ثلاث مقاعد في بغداد ورديفه في البصرة على مقعد ومن بين القوائم المدنية والديمقراطية حصلت قائمة الوركاء الديمقراطية على مقعد واحد .
الا ان هذه النتائج هي اقل مما يستحقه خصوصا ان قوة التحالف التصويتية وصلت الى 250 الف صوت في عموم المحافظات وهذا يؤشر الغبن المستند اساسا الى قانون انتخابي غير منصف ومشتت الاصوات وهو قانون سانت ليغو المعدل , كذلك شمول القوائم الصغيرة كالكبيرة بكوتا النساء والذي قد يبعد مرشحا يحصل على عشرات الالاف من الاصوات لصالح مرشحة (امراة) تحصل على اصوات قد لاتتجاوز المئات من الاصوات حتى ولو كان عدد الفائزين من القائمة لا يتجاوز الاثنين او الثلاثة فقط , ان في حالة كهذه يجدر بقانون الانتخابات ان يسد كوتا النساء من القوائم الكبيرة وفي حال العجز آنذاك يمكن النزول الى القوائم الصغيرة وبعكسه سيؤثر هذا على التمثيل السليم والتركيب الفاعل للسلطة التشريعية.
ان وصول التحالف المدني الديمقراطي الى قبة البرلمان هو انجاز مهم ما كان ان يتحقق لولا صحة الوجهة في بناء التحالفات المدنية الواسعة وسعة التحرك واتساع نشاطها الجماهيري ووضوح خطابها وبرنامجها وصدقية رموزها ومرشحيها في تبني المشروع المدني الديمقراطي ويمكن اعتبار هذا التمثيل بغض النظر عن حجمه , اختراقا لساحة كانت تحتكرها القوى المتنفذة لصالح تكريس نهج المحاصصة الطائفية والاثنية .
ونود ان نشير هنا بان افضل النتائج التي تحققت للقائمة جاءت في المحافظات التي نجحت في تشكيل اوسع تحالف للقوى المدنية , لقد حقق التحالف المدني زيادة كبيرة في اصواته فقد حصل على 154.259الف صوت (عدا كردستان) في انتخابات مجالس المحافظات لعام 2013 وحصل على 250 الف صوت في انتخابات مجلس النواب لعام 2014( عدا كردستان ) ادناه بعض المقترحات للحفاظ على التحالف المدني الديمقراطي وتطوره اللاحق.
1-اهمية الحفاظ على التحالف المدني الديمقراطي وتوسيعه ليشمل قوى وشخصيات وعناوين ديمقراطية ومدنية اخرى وضرورة التمسك بالاسم الواحد لقوائمه في الانتخابات القادمة .
2-دعم المرشحين الفائزين ليؤدوا دورهم في البرلمان على نحو افضل كون ممثلين لجميع اطراف التحالف وهم محط اعتزاز الجميع .
3-ان تفعيل دور القوى المدنية الديمقراطية المؤتلفة في قائمة التحالف يتطلب تبني قضايا الجماهير والنضال من اجلها بمختلف الوسائل السلمية والدستورية كما ان هذا من شانه ان يعزز من دور التحالف ويرفع من مكانته جماهيريا كما سيعزز من دور نواب التحالف المدني في البرلمان .
4-التواصل مع منظمات المجتمع المدني واتباع الاساليب الناجحة لتنشيط دورها في خدمة مصالح جماهيرها والمصالح عموما .
5-ضرورة ان تدرس قوى التحالف المدني تجربتها الانتخابية لتعزيز جوانبها الايجابية وتلافي الثغرات والسلبيات التي رافقت عملها في الانتخابات الاخيرة .
6-ان نشاط نواب التحالف المدني في البرلمان ودعم اطرافه لهم من شانه ان يرفع من مكانة التحاف في انظار من صوتوا له , وسيوسع قاعدته الجماهيرية لاحقا .
7-ادامة الصلة بالاصدقاء والمؤيدين وانصار التحالف المدني الديمقراطي .
8-توسيع قاعدته بين اوساط الجماهير الطلابية والنسوية وعقد الموسعات والندوات مع هذه الشرائح للتعرف على ارائهم ومقترحاتهم وتشجيعهم على الانخراط في نشاطات التحالف المدني الديمقراطي .
9-الاستمرار بالفعاليات التي اثبتت الايام فاعليتها كالندوات الجماهيرية , الطاولات الاعلامية , الزيارات , الاحتفالات , الانشطة الرياضية , السفرات وطرق الابواب ... الخ .
10-توفير الاعداد الكافية من الوكلاء، و وتحسين تدريبهم وتقديم العون لهم لتسهيل مهامهم .
11-الاستعداد المبكر للانتخابات القادمة وحسم مسالة القوائم الانتخابية , اعداد المرشحين , والوكلاء والترويج المبكر للمرشحين والعمل على دعمهم وتغطية حملتهم الانتخابية بحملة اعلامية جيدة عبر الوسائل المرئية والمسموعة .
12-توطيد العلاقة مع الاعلاميين والفنانين والادباء والمثقفين الذين قدموا الدعم للقائمة ومرشحيها .

اية حكومة يريدها التحالف المدني الديمقراطي ؟

ان الظروف الموضوعية التي تعيشها البلاد وما تعانيه من ازمات مستمرة لا يمكن التصدي لها دون تشكيل حكومة وحدة وطنية تعبر عن تحالف سياسي عريق وتستند الى برنامج بعيد عن المحاصصة وتضم من يوافق على برنامجها , أخذة بنظر الاعتبار الاستحقاقات الانتخابية، وتقبل بالمعارضة وتستفيد من الكفاءات العلمية المستقلة .
وفي حالة عدم توفر الشروط اعلاه ومجيء الحكومة الجديدة نسخة من حكومة المحاصصة المقيتة , فأرى ان يكون التحالف ضمن المعارضة المسؤولة التي تقف في وجه الاخطاء والسياسات غير السليمة وتساند الخطوات والتشريعات الايجابية المنسجمة مع برنامج التحالف ومع الاصلاحات المنشودة لمصلحة الشعب والوطن .
ان التحالف المدني الديمقراطي ماهو الا نضال متواصل ودائم من اجل التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية .