المنبرالحر

عـُـتمة وفيسبوك / قيس قاسم العجرش

الف ذريعة تبدو معقولة ومنطقية سيفترضها من يساند قرار حجب مواقع التواصل الإجتماعي عن شبكات الإنترنيت والمتخذ من قبل هيئة الإعلام والإتصالات.
بعض هذه الأسباب منطقية الى حد قد يفحمـُنا، الموت الذي يحيط بالعراقيين والهجمة التي تحاول كسر نفسية قواتنا المسلحة ليست بقليلة، بل هي منظمة ومعدّة من قبل محترفين والتواصل الإجتماعي أصبح وسيلة الإرهاب الأيسر للكذب والتضليل.
أنا نفسي صُدمت عندما وجدت قناة العربية تبث أحد مقاطع اليوتيوب القديمة وتقول إنه من وسط الموصل يرمي فيه بضعة شبان الحجارة على سيارات عسكرية، في الحقيقة أن هذا المقطع كان قد سجـّله مواطن لموكب وزير عراقي من وزراء الخدمات الُمزمنة تصادف مروره في حي شعبي وسط بغداد فاحتج الشبان عليه برمي العلب الفارغة.
إذن التزييف وقلب الحقائق والحرب النفسية يمكن أن ترتكب عبر وسائل التواصل الإجتماعي بسهولة، لكن !.....و..لكن هنا كبيرة جداً ...هل يمكن لنا أن نذكر وسيلة واحدة من وسائل الإعلام والتواصل ستكون محصّنة ومتمنعة تماماً عن الإستغلال؟
اليست الفضائيات مشمولة أيضاً بهذه الحرب النفسية؟... وهل سيعجز من سخّر فيسبووك وتويتر من أجل التزييف عن تسخير الفضائيات (ومنها ما هو مُسخّر بالفعل) ..وماذا إن تفتق ذهن «الأب الحامي لعقولنا» واكتشف ان عقولنا مازالت تتأثر بالفضائيات، هل سيمنعها هي الأخرى؟ نعم سيمنعها حتماً.
هل يمكن لنا أن نرتكب المنع تحت طائلة (المصلحة والحصانة النفسية للناس)؟ وما هي معايير هذه المصلحة؟
الآن يخضعُ معظم الشعب العراقي إثر هذا القرار الى عماءٍ الكتروني متعمّد، عتمة أغرقت التواصل الاجتماعي الألكتروني وتسببت في (ظلام) معرفي وقطيعة غير مقبولة بكل المعايير.
وهي سابقة غير قانونية لا تؤسس لسيادة النص القانوني إنما تؤسس لمزاج المصلحة ومظنة الأبوة التي يبدأ من خلالها كل خرق لقوانين الحريات.
قرار التعمية خرق واضح للمادتين الدستوريتين 40 و46، فهاتان المادتان تشترطان قراراً قضائياً اولاً ثم أساساً قانونياً نصّياً تنطلق منه عملية التقييد.
لنتذكر هنا أن هيئة الإعلام والإتصالات مازالت تعمل وفقاً لأمر سلطة الإئتلاف المنحلة، فقد نسخ الدستور وجودها وعملها، وعلى الأقل عليها ألا تتقاطع بشكل صارخ مع النص الدستوري،فهل سنعود ونبرر سلطة»الأب»الذي يعلم ونحن قاصرون لا نعلم؟
الدول والحضارات والرقي لا ينجز بالمصلحة التي يراها حاكم لوحده في لحظة ما، ولهذا السبب وضع الإنسان القوانين..هل نسينا كم تباهينا، بمسلـّة حمورابي، أم أن الحشد الإعلامي و»الهوسات «أولى؟