المنبرالحر

العراق أولا.. العراق أبدا / ئاشتي

يحيرك هذا الشوق لعراقك، تعوم في بحيرة حبك له وتتمنى أن يأخذك الموج بعيدا، حيث لا زرقة حب إلا في مياهه، ولا ذوبان إلا في انسياب أمواجه، شوقك له حالة متفردة من العشق ربما يشترك بها الجميع، فكلما ابتعدت عنه أزداد شوقك له، تنزف فرحك حزنا عليه عندما ترى الدمع يحتل أجفانه، وتكبر ابتسامتك حين ترى طيور الحب تقف على كتفيه، تخشى عليه أكثر مما تخشى على قلبك بين أضلاعك، ترغب أن تراه مرتسما في زقورة أور أو على بوابة الأخيضر، أو تراه رابضا كأسد بابل، أو كالثور المجنح على أسوار آشور، أو ربما تراه جالسا يمسك صولجان الحكم في قلعة أربيل، هذا عراقك الذي يرتوي من مياه الأهوار، ويرتجف حبا في ثلج كردستان، ويرقص انتشاء تحت المطر النازل في ألأنبار، هذا عراقك يرتجف حزنا اليوم، يعرف أن هناك من يريد أن يقطعه أشلاء، يقطعونه جغرافيا وسياسيا وأثنيا وطائفيا، يريدون أن يرتووا من دماء العراق بأقداح تحمل ماركة التقسيم، فليس غير التقسيم ما يجعلهم يطمئنون إلى مصالحهم، ومن أجل أن يتم التقسيم لابد أن تسفك الكثير من دماء العراقيين على دكة مذبحه، لأنهم يريدونه أن يتعمد بدماء العراقيين حتى لا تكون هناك رجعة عنه، أما نحن الحالمون بعراق يبتسم للشمس كل صباح، فلا نريد أكثر من أن يكون عراقا للجميع. لأنه أولا ولأنه أبدا.
يحيرك هذا الشوق لعراقك، وكل يوم يمر تتكشف الصورة بشكل جلي عن طبيعة المخطط الذي يجب تنفيذه، ولا يحتاج أكثر من وضع اللمسات الأخيرة عليه لأنه محكم الخطوات، لاسيما والمشتركون فيه هم صناع القرار ومنفذوه، قادة الصياغة والتنفيذ يحملون صفة المتعاطف والحريص على هذا العراق، ولكن صفتهم هذه لا تعدو أكثر من النفخ في بوق مثقوب، هم يريدون تنفيذ رغبتهم وإرادتهم، ونحن نريد أن يظل عراقنا واحدا، فكل تبريراتهم واهية لا تعدو أكثر من منفذ لتحقيق مصالحهم، ولكن المؤسف أن بعض السياسيين يرون في ذلك خدمة للعراق!؟ أية فائدة ترتجى لعراق مشظى؟
يحيرك الشوق لعراقك ولكن البعض يريدون أن يتناسوا حزن العراقيين طيلة كل هذه السنوات، ولهذا يريدونه أن يهـطل مطر حزن وجراح وشهداء، مثلما رآه الشاعر الراحل شيركو بيكه س
"رقبة شعـر
رقبة أمي
رقبة الوطن،
غلفت الأولى بالمزن
فأصبحت أسبوع هطول الألحان
وغلقت الثانية بالعمر
فأصبحت شهر هطول العشق
وحين غلقت الثالثة بالتأريخ
أصبحت عام هطول الحزن
وهطول الجرح
وهطول الشهداء".