المنبرالحر

كفوا عن تمزيق العراق / مازن العاني

في غفلة مثيرة للتساؤل اكثر مما هي مثيرة للذهول، تمكنت شراذم داعش والمتواطئون معها، من السيطرة على مدينة الموصل، في حدث لا نشاهده حتى في افلام الخيال العلمي.
حبس ملايين العراقيين انفاسهم بعد ان روعهم هول المفاجأة و الفجيعة. وتداعت حكومات وجهات دولية واقليمية عديدة، محذرة من الطاعون الاسود الذي حل في ارض السواد. و أكد الجميع ان المدخل للخروج مما يمر به العراق لا بد أن يكون عبر بوابة التوافق السياسي والتوحد لمواجهة الخطر الذي يستهدف الجميع.
لكن أمر بعض السياسيين عندنا يظل مريبا. هؤلاء من اصحاب السجل النضالي الفاضي يجوبون الفضائيات، بعد ان حولوا انفسهم الى «ظاهرة صوتية»حاضرة تحت الطلب، للتشهير بالخصوم بمناسبة و بدونها، تملقا لولي النعمة ، الذي لولاه لما كان ثالث جار من جيرانهم قد سمع باسمائهم.
هؤلاء يؤكدون في مسلكهم فقدانهم القدرة على الاحساس بهول الكوارث والاستشعار بها عن قرب أو حتى بالتماس. تراهم و كأنهم ينتظرون حدثا ليكشفوا عن حقيقة نواياهم وقناعاتهم السياسية والفكرية، لذا راحوا اليوم ينبشون كل ما يثير التشكيك بشركائهم في السلطة، خصوصا التشكيك بالمواقف الكردستانية والتأليب المثير للريبة على الكرد. حتى التحركات العسكرية الجريئة والمطلوبة من قوات البيشمركة، والتي تمت باتفاق بين حكومتي اربيل و بغداد، لم تسلم من تشويشهم.
تتخيلهم وهم منهمكون بهذا التاليب الشوفيني الكريه، وكأنهم ينهلون من الترسانة الفكرية والماكنة الاعلامية للبعث العفلقي المقبور. هذا في حين ان المطلوب هو النظر الى القضايا الخلافية كونها باتت في اللحظة الراهنة ثانوية، امام حجم الخطر الذي يريد ان يبتلع الجميع.
في الضفة الاخرى يثير استغراب غالبية ابناء شعبنا، وبينهم الكثير من المواطنين الكرد، ويستفز مشاعرهم ان يتخذ معارضون سياسيون، تفوح منهم رائحة الشوفينية والتمييز القومي، و العداء للعملية السياسية برمتها قبل العداء لاي جهة سياسية اخرى، ان يتخذوا من اربيل مرتعا و منبرا اعلاميا لاطلاق تصريحات مشبوهة، تصف ما حصل على يد داعش بانه ثورة شعبية و ربيعا موصلياً ! و تصف الارهابيين وعتاة البعثيين المتحالفين معهم، من فرسان المقابر الجماعية و القصف الكيمياوي و فاجعة حلبجة، كونهم ثوارا أبطالا و شجعانا..!
و كي تكتمل ثالثة الاثافي لا يتردد فرسان الفريق الثالث من الساسة المتنفذين، عن تقديم انفسهم طابورا خامسا، و بامتياز، حين يزفون لنا «بشرى» إحكام الداعشيين و من والاهم طوقهم حول العاصمة بغداد.
من أين يرجى للعراق تقدم، و سبيل ممتلكيه غير سبيله *** لا خير في وطن يكون السيف عند جبانه و المال عند بخيله.
لن نردد هذا مع الرصافي الكبير، لان ثقتنا كبيرة بشعبنا وبقدرته على نشر الخير في ربوع وطننا، بل نقول كفوا ايها الساسة عن اللعب بالنار وعن حرق الوطن بصراعاتكم العبثية، ولن نسمح لكم بالرقص على اشلاء وطن يمزق وينحر .