المنبرالحر

أزمة الوطن كما أراها ...!!!/ نجم خطاوي

وسط زخم تفاقم وتطور الأحداث السياسية في العراق, يبدو أن المشهد الثقافي وتأثيراته قد تراجع كثيرا وسط غلو مشروع أصحاب السياسة الذي جرنا ويجرنا نحو الويلات والمهالك.
ومع التسارع في الاحداث والمخاوف التي بدأت تكون واقعية وموجعة وتفعل فعلها المؤلم والكبير وسط انحسار قدرة الثقافة وأهلها في التأثير وسط الناس والمجتمع ومحاولة ابعاد البلد عن التفرقة والصراعات الداخلية والعنف..
في ظل الظروف الراهنة وإمكانية تطورها بشكل متسارع وتزايد خطر نفوذ افكار التسلط والقمع والظلامية وتفتيت المجتمع... يكون من المفيد التفكير بالسؤال الحار:
مالذي يمكن للمثقفين أن يفعلوه ؟ وما هي الرسالة المتوخاة من الثقافة ومحاورها المتعددة؟
يفترض في الحوار الثقافي الفكري أن لا يهدف لتحشيد سياسي وتأييد لجهة سياسية معينة, يل البحث عن حلول واقعية ربما سيستمع لها الناس وسط تزايد أصوات المدافع وفشل برامج السياسيين.
علينا أن نتحاور بشكل حضاري ونعبر عن وجهات نظرنا حول ما يمكن لنا كمثقفين أن نقوم به في ايقاف نزيف العنف ومنع التطورات في بلادنا أن تأخذ منحا باتجاه الصراعات الطائفية والقومية والأثنية.
الهدف أن نقول كلمتنا في أن الصراعات بين القوى السياسية وعدم وضوح الهدف والبرنامج في خطة بناء الدولة, وعدم حل المشاكل والخلافات بين القوى السياسية المختلفة, وبين المركز والإقليم وبين المركز والمحافظات, ستؤدي بالنهاية الى تفاقم هذه النزاعات واستعصاء حلها.
الذي جرى في نينوى وتكريت ما كان له أن يأخذ هذا الشكل الدراماتيكي لو أن شعورا من المسؤولية كان قد غلب على تفكير القوى المتنازعة, ولو تحلت بقليل من التواضع وتقديم التنازلات المشتركة بعضها للبعض.
الذي جرى يتحتم علينا التعاون والتعاضد حول هدف درء الخطر عن الوطن المتمثل بداعش والمسميات الأخرى المتلبدة خلفها, وأن نقف سوية مع المؤسسة العسكرية المكلفة رسميا بالدفاع عن الوطن, وهذا الموقف لا يعني بشكل من الأشكال أن يكون اصطفافا حول موقف السلطة أو الدفاع عنها, ولا أيضا كموقف طائفي أو اثني بل هو موقف وطني يفترض أن تدعمه كل قطاعات الشعب.
إن ترصين الجبهة الداخلية قضية مهمة وأساسية, ويتطلب ذلك الابتعاد عن إضعاف بعضنا للبعض, أو إثارة خلافات جانبية ونزاعات يمكننا أن نحلها في وقت قادم بشكل سلمي وسياسي وتفاهمي.
المفترض عدم النظر للإقليم ولقوات البيش مه ركه كقوى معادية أو استغلت الظروف أو أنها ساهمت بالذي صار, وغيرها من التقولات التي تبثها جهات داعش والذين معها والعديد من المتشفين بتفتيت النسيج الاجتماعي العراقي.
إن الإقليم لا زال جزءا من الدولة وهو إقليم فيدرالي, والمناطق التي دخلتها قوات البيش مه ركه هي مناطق مختلف عليها وكان بعضها ضمن جغرافية الإقليم سابقا, وهي لا زالت مناطق عراقية لأن الإقليم اساسا هو ضمن حدود الدولة العراقية ومتحد معها فيدراليا, وسيحين الوقت لحوار عراقي سياسي حول هذا الموضوع.
الذين احتلوا نينوى وتكريت وغيرها من مدننا هم قوى ظلامية وحاقدة ويريدون أن يطبقوا أجندات تدميرية بحق الجميع كردا وعريا وتركمانا, مسلمين ومسيحيين, شيعة وسنة, وسوف لن يستثنون أحدا في همجية أحلامهم.
إن وجود البيش مه ركة في المناطق الحدودية وفي كركوك وجلولاء, وغيرها من المدن, ساهم على الصعيد العسكري في وقف الانهيار الذي حصل في مواقف العسكريين الذين تخاذلوا في الموصل وباقي المناطق, وهذا الموقف أوقف زحف جراد داعش وسرطانها من التقدم وتحقيق المكاسب العسكرية, ومن المهم عدم النظر للموضوع وكأن العراق خسر كركوك, وتصوير الموضوع وكأن دولة أجنبية قد دخلت كركوك, والتي لولا وجود البيش مه ركه فيها اليوم لكانت تحت سيطرة الأغراب القادمين من جحور كهوف افغانستان والشيشان وغيرها.
هذه الأزمة يمكن أن تحل من خلال الاسراع بتشكيل حكومة وطنية يمكن أن لا تستند لنتائج الانتخابات فقط, بل تشمل قوى سياسية ووطنية وشخصيات مستقلة, وكفاءات, وعلى أن تضع هذه الحكومة برنامجا استثنائيا بالبدء بحوار وطني مع الشعب وإيجاد حلولا واقعية وسريعة واستثنائيا, وربما يتطلب ذلك تقديم بعض التنازلات الموجعة.
على التحالف الوطني التفكير جديا بتقديم حلولا واقعية ومقنعة ترقى لمستوى الحدث في ما يخص ترشيح رئيس الوزراء القادم, حيث بات الإصرار على ترشيح السيد المالكي مصدرا لتفاقم المشاكل بدلا من تسهيل حلها.
تتحمل جميع القوى السياسية لمسؤولياتها التاريخية بالابتعاد عن سياسة الصراع والمحاور والاستقواء بالأجنبي, والتقدم ببرامج وحلول ووجهات نظر تكون أساسا لمؤتمر وطني جامع هدفه الاتفاق على مشتركات وقواسم مشتركة.
الحل العسكري سوف لن يصل مبغاه لو اعتمد نفسا طائفيا, وهو سيفشل بالتأكيد في حال اعتماده لوحده فقط كحل, بل من المهم أن يكون الحل السياسي الواقعي هو البديل والذي يجب أن نكرس كل الجهود عليه سوية مع الرد الحاسم العسكري الوطني الشعبي لاسترجاع مدننا المغتصبة من الأغراب والسرطان الذي لفها.