المنبرالحر

داعش وعلم الجمال البعثي/ عبد جعفر

في بداية السبعينات، أفتى مثقف السلطة آنذاك محمد الجزائري، بوجود نظرية (علم الجمال البعثي)، فكان هذه المشروع الذي جاء أشبه بطرفة (بائخة) ما هو إلا إعلان لإغلاق كل مسامات الحياة، حيث أصبح التغني بالذبح والقتل موضوع القصيدة والقصة واللوحة وعنوانا للوطنية، وكلما جاع العراق زادوا من وضع النياشين والأوسمة على صدره المتعب، وثقبوا أذنه بالأناشيد الحماسية، بأسم علم القباحة البعثي.
وظل هذا مشروعا يطاردنا بالمنافي، كاتم صوت مرة، و شتائم وسبابا عبر صحف النظام والمرتزقة مرة أخرى.
وبعد التغيير عام 2003، نزع أصحاب المشروع اللباس الزيتوني ليرتدوا الجبة والعمامة، والأثواب القصيرة وليطلقوا اللحى، في حلف غير مقدس مع القاعدة وداعش مؤخرا، ليس هذا فقط، بل ركبوا الموجة أيضا مع القوى المتنفذة في النظام الجديد، وأنضموا لجوقة مشروع (علم الجمال الطائفي). فجاءت نظرية جديدة هجينة
(لا يبقى في الوادي غير الحجارة)، كما جاء في راوية اللاز للراحل الجزائري طاهر وطار. فبدأوا بحرق الزرع والضرع،
فنسفوا البيوت ودور العبادة ومظاهر الجمال في الشوارع من نصب وتماثيل، وأجبروا الأبرياء للوقوف أمام فرق الإعدام والإبادة الجماعية.
وأصبح الوطن بين نار وآلام الفساد وقلة الخدمات و المحاصصة والتجييش الطائفي والذبح على الهوية وبين جرائم القوى الظلامية الخارجة من كهوف الماضي. فالكل من (أصحاب علم الجمال الطائفي والتكفيري والبعثي) يريد أن ينهش من قوته ودمه وكرامته وإنسانيته وحريته ومستقبل أجياله.
إن العراق هو رهن بإقامة الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي والمجتمع المدني. على حد تعبير الدكتور ميثم الجنابي في كتابه (العراق ورهان المستقبل).
فالأعداء يتسربون من أخطاء وآثام أصحاب القرار، لجعل الوطن أسير مشروع غير قابل للحياة، تنتفي فيه الوطنية على حساب الهويات الفرعية والأثنية وهذه بدورها تتناسل الى هويات أصغر فأصغر، تنذر بتفتيت النسيج الأجتماعي وتسهل مرور الظلاميين، وتجعل كل قبيح جميلا، ويصبح المنصب رمزا للإستقواء بدلا من الشعب وقواه الحية، وكأن الزلزال الذي حصل ويحصل من جراء جرائم داعش وحلفائها، ليس له تداعيات على أصحاب القرار الذين يعملون على طريقة أن سرق القوي تركوه وأن سرق الضعيف وضعوا عليه الحد.