المنبرالحر

10 حزيران 2014 يوم ليس ككل الايام / مازن العاني

«من الاستحالة بمكان عودة العراق الى اوضاع ماقبل 10 حزيران 2014»،عبارة رددها العديد من الاطراف والكتل السياسية بعد قيام داعش و الخليط غير المتجانس من حلفائها من الصداميين و غلاة المتطرفين المتأسلمين باحتلال مدينة الموصل. و بهذا المعنى ايضا تحدث باحثون و محللون سياسيون وزعماء دول اقليمية و اجنبية كثيرة.
و اذا كان الجميع متفقين أن واقعا جديداً نشأ في العراق، وربما في عموم منطقة الشرق الاوسط، بعد «الغزوة» الارهابية، الا ان الكتل السياسية الثلاث الحاكمة في البلاد تختلف في قراءاتها لهذا الواقع وأسبابه، وفي كيفية معالجة الاختلال الحاصل. و تختلف معالجات هذه الكتل أساسا باختلاف طموحاتها و مصالحها الفئوية و الطائفية و القومية الضيقة.
التحالف الوطني من جانبه، خصوصا دولة القانون، أصبح مسكونا بنظرية المؤامرة ،دون التقليل من عنصر التآمر في ما حدث، ويرى ان اوضاع ما بعد الموصل ينبغي ان تقود الى حكومة بقبضة قوية تستثني مشاركين حاليين بالعملية السياسية. و هو ينظر الى هؤلاء باعتبارهم مشاركين في ما جرى يوم العاشر من حزيران، حيث ساهموا في تعطيل عمل الحكومة السابقة و مهدوا الطريق أمام الدواعش الاجانب و المحليين لدخول الموصل و تكريت و غيرها!.
في الجانب الاخر فان اطراف القائمة العراقية السابقة وعلى اختلاف مسمياتهم الحالية، ينظرون الى ما بعد العاشر من حزيران من زاوية مغايرة، و يتعاملون مع ما حصل بأعتباره فرصة لتصعيد مطالبهم و اشتراطاتهم، ويروجون لفكرة الدخول في حوارات مع أطراف من المتمردين الخارجين على القانون و الدستور من حلفاء داعش،و يصرون على تسميتهم بـ»الثوار»!، و يدعون للاستجابة لمطالبهم و إشراكم في تقرير شؤون البلاد و مصائرها.
من جانبهم أكد قادة أساسيون في حكومة اقليم كردستان ان يوم 10حزيران 2014 و فر لهم فرصة تاريخية لتحقيق الكثير من مطالبهم التي عجزت السنوات السابقة عن تحقيقها، و بالتالي فانهم يرون «من شبه المستحيل ان يعود العراق كما كان عليه قبل احتلال الموصل». و ينظر هؤلاء القادة الى دخول قوات البيشمركة الى المناطق المتنازع عليها بعد انسحاب قوات الجيش الاتحادي منها كونه فرصة تم فيها تنفيذ المادة 140 من الدستور،و انهم لن يعودوا للحديث عنها بعد الان !.
كل هذا الخلط المربك يجري في هذه اللحظات التاريخية العصيبة من عمر الوطن، مما يضبب رؤية الهدف الواضح المتمثل في ضرورة التحرك المشترك و المسؤول لدعم كل جهد وطني لمواجهة الارهاب وتخليص بلادنا من شروره.
نعم ان 10 حزيران يوم فاصل في التاريخ السياسي العراقي المعاصر، و اننا بحاجة الى نهج جديد غير الذي كان سائدا قبل هذا التاريخ، نهج وطني بعيد عن المحاصصات وأدرانها،والاستئثار والتهميش، يتجاوزالمنابزات والتربص والشماتة واستغلال الفرص والعصبيات الطائفية والعرقية. وهذا ما نراه وهذا ما ينبغي ان يدركه الجميع وفي المقدمة منهم الحكومة قبل غيرها. فهل هم مؤهلون لذلك وقادرون عليه..؟!