المنبرالحر

المرحلة إنتقالية! / مزهر بن مدلول

الحمد لله، خرجت بلادنا من المرحلة الاولى، التي حُكمنا فيها بطغيان قلّ نظيره، ذلك الطغيان الذي مهما كتب عنه المؤرخون ومهما قال فيه المثقفون، فأنّ كتاباتهم واقوالهم تبقى ناقصة بالنظر الى ما مرّ به العراق من جحيم وماعانته اجيال من العراقيين وُلدتْ وسط النار وكبرت في الرماد. إنّ تلك المرحلة المليئة بالحسرات والعذابات قضتْ على حق الناس في العيش والمسكن والصحة والاستقرار، وانتجت ذهنا مشوها وجسدا ضامرا وروحاً عارية وغريبة يعجز حتى (الفلاسفة) عن الوصول الى اعماقها.
اما الان، فقد دخلت بلادنا في المرحلة الانتقالية! وها هي تسير حثيثا وتتسابق مع الايام من اجل الوصول الى المرحلة الثانية! بعد ان رمّمت ما تكسر، واعادت بناء ما تهدم، وحولت السجون الى مؤسسات تربوية، واشاعت الألفة والمحبة والثقة بين الناس، ورسمت الخطط ووضعت البرامج للمستقبل! وهكذا (مرحلة ابّطن مرحلة.. ومرحلة اطول من مرحلة.. وصار العمر مراحل، والحسود ابعينه عود)! وكلما سمعت احد المستفيدين يقول اننا في (مرحلة انتقالية) اموت من الضحك!، فمنذ عشرة سنوات ونحن لانعرف اين ستنتقل ببلادنا المرحلة الانتقالية، وماهو طريقها وفي اي اتجاه تسير!.
ورغم اني لا اعرف ثلاثة ارباع القضية، لكني استطيع ان اتأمل الاحداث من خلال الربع الذي اعرفه! فالنتيجة واضحة، فاكهة نخرها الدود واستفحل فيها الفساد، اما الاسباب فهي مكشوفة ايضا، وعلى رأسها (الغباء السياسي)!
لقد اعطى الاطباء الجدد الى الطفل جرعة كبيرة!، متوهمين بأنه سينمو ويكبر بسرعة، فقفزوا في ذلك على مرحلة الطفولة دون مبالاة بالحقوق ولا دراية بالمضاعفات التي ستظهر لاحقا!، فكان ذلك سسبا وجيها لأن نشاهد هذا الشلل القاتل وهذه الإعاقة الخطيرة!
والحق يُقال، انّ السياسيين لم تتح لهم الفرصة ان يضبطوا عقارب ساعاتهم لكي يلحقوا الزمن، ولم يسمح لهم هاجس الخوف ان يضعوا مستقبل البلاد في سلّم اولوياتهم!، فقد كانت جميع الظروف والمناخات تدعوهم الى (مارثون) التسلح والتحاصص والكسب الاناني واشعال الفتنة بين مكونات المجتمع! وهذا كله ميّز مرحلتنا هذه التي نسميها بالانتقالية، والتي يحاول السياسيون ترسيخها وتثبيتها وجعلها القضية الجوهرية في التغيير بعد 2003!
ولكي لا نبقى نخوض في مستنقع الخراب، لابد من العودة الى المنطلقات الاساسية والخطوات المبدئية الجادة، وفي مقدمتها دعوات الحزب الشيوعي العراقي الى الحوار بين كافة القوى السياسية وتحت سقف واحد ويكون فيه للشعب العراقي الصوت الاقوى، وذلك من اجل ان نحدد ماذا يريد الجميع وكيف يفكرون وما هي السبل الممكنة لتحقيق الاهداف.