المنبرالحر

سؤال ... إجابته عَصية على حكامنا!* / ئاشتي

يتجاوز الليل على العراق بظلمته، وينخر صيفه المعتق بالحرارة القاتلة بيوت وأكواخ الفقراء، كي يزرع في نفوسهم كراهية العيش والتوق إلى موت هو في حقيقته، اجمل من حياة هي في حقيقتها موت، وكأنما زرع القيظ في نفوسهم حالة من التجلي الإلهي، لهذا أحبوا التوهان في عالم اللاجدوى، كي ينسوا ما هم عليه من ضيم، وهل هناك أكثر من ضيم في قيظ لاهب، يحرق اسفلت الشوارع بحرارته، ويميط اللثام عن مبتغاه في تسخين الاجساد المختبئة في اطار التوسل الإنساني المر، ترى لمن هذه الكتل البشرية ياحكامنا؟ هل عرفتم معنى كلمة ارتفاع درجات الحرارة؟ أشك في ذلك!، هل عرفتم معنى أن يموت رجل عجوز في درجة حرارة بلغت الخمسين؟ اشك في ذلك!، هل شربتم ماء ساخنا يدخل جوف الطفل العراقي في سويعات أشداد العطش؟ أشك في ذلك يا حكامنا، لأنكم بعيدون عن فهم معنى إنسانية العراقي، بعيدون بعدكم عن الحرص على مواطنيكم، لأنكم عندما تقتربون منهم تخسرون ابجدية الحصول على مأربكم الخاصة بكم وحدكم.
يتجاوز الليل على العراق بظلمته، وينخر صيفه المعتق بالحرارة القاتلة بيوت وأكواخ العراق، لأن حكامنا لا يملكون جوابا على سؤال ينتصب مثل زقورة أور في وجوههم، فمنذ عام 2006 إلى عام 2013 تم التصويت على ميزانية قدرها 488 مليار دولار، ولكن لا أحد يعرف أين ذهبت هذه الأموال، حكامنا يبحثون في المجهول عنها!!، والمواطن العراقي لا يعرف كيفية استخدامها، فما زالت الكهرباء لا تعرف طريقها إلى بيوت العراقيين، 488 مليار ومازال الماء ينذر بأمراض جمة، 488 مليار دولار والسيارات المفخخة تقتل من العراقيين على وفق ما يطلبه الإرهابيون، 488 مليار والشباب العراقي عاطل عن العمل، 488 مليار والمدارس الابتدائية ترثي حالها إلى السماء، مثلما جامعات العراق تئن من مناهجها المتخلفة، 488 مليار وطموح كل عراقي الهروب من وطن اسمه العراق، 488 مليار ومستشفيات العراق تشكو من عدم وجود آسرة للمرضى ناهيك عن الرعاية الصحية، والسؤال الذي يبدو عصية على حكامنا إجابته، أين ذهبت كل هذه المليارات يا حكامنا؟ ومن مسؤول عن ضياعها أو في الحقيقة سرقتها؟
يتجاوز الليل على العراق بظلمته، وينخر صيفه المعتق بالحرارة القاتلة بيوت وأكواخ العراقيين، وليس لنا نحن القابعين خلف الأمل( ربما أمل واهن) أن ننتظر طائر سعد رغم الحزن الذي يتلبس كل كياننا مثما يقول ميروين
( الأمل والحزن لا يزالان اجنحتنا،
لماذا لا نستطيع أن نطير،
أي فشل لا يزال يبقيك،
بيننا نحن الناقصين)
• نشرت هذه المادة في جريدة (طريق الشعب)يوم الأربعاء 26 حزيران 2013