المنبرالحر

سوريا.. لا للمزيد من السلاح / جاسم الحلفي

"ارحل"... فعل الامر الذي صدحت به حناجر المحتجين سلمياً على الانظمة المستبدة في البلدان العربية، وكانت هذه الكلمة الأثيرة، الى جانب الشعار الرئيسي "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي رافق إصرار حركات الاحتجاج ضد التسلط والتهميش والفقر، والتطلع الى الحريات والديمقراطية التي تضمن الكرامة الإنسانية، ما جعل عروش الطغاة تهتز فزعاً من قوة اندفاع الشعب للتغيير. وهذا ما اتى اكله في كل من تونس ومصر والى حد ما في اليمن رغم المدة الطويلة التي استغرق فيها التغيير.d
الكفاح السلمي، وحركة اللاعنف من اجل التغيير، طبع هذه الثورات بطابعه الخاص، كانت ليبيا استثناء عن ذلك، اذ مورس فيها العنف بقوة، فيما غدا الصراع المسلح في سوريا لصيقاً بساحتها، إذ أصبحت كلفته باهظة، وخلفت وتخلف على مدار كل يوم خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات العامة والخاصة، ويتعرض امن المدنيين وسلامتهم لانتهاكات واسعة، وتعطلت الحياة الى حد كبير. فيما يتواصل العنف والعنف المضاد، من قبل طرفي الصراع، النظام من جهة والمعارضة التي تعمل على إسقاطه من جهة أخرى.
لا يتورع كلا الطرفين عن الافراط في استخدام العنف في حسم الصراع كلٌّ لجانبه. فيما طلت الطائفية السياسية كابرز عنوان، اذ تم توظيفها سياسيا وعسكريا، واستغلها العامل الاقليمي الى جانب عوامل أخرى، ودخل بقوة الى جانبي الصراع بكل وضوح، وأصبح اهم عوامل ديمومة القتل اليومي. فيما غدا الوضع بكل المآسي والخطورة التي تنجم عنه جزءاً من صراع الارادات الدولية، اذ لم يقف المجتمع الدولي بعيدا عن المسألة السورية، وأصبحت مسألة تسليح المعارضة هي احد اهم القضايا قيد البحث والتداول في اروقة صنع السياسيات الدولية، وكأن الصراع في سوريا ينقصه السلاح والعتاد ووسائل الدمار المشينة! ان لغة السلاح وإقحامها اكثر في ساحة الصراع، وتأتي هذه المرة من الجانب الدولي لا سيما الأوربي، تشكل خطوة غير موفقة لجهة حقن الدماء وتقليل الخسائر، بل هي معرقلة لصنع الحلول التي يراد منها تحقيق امال الشعب السوري وتطلعه للديمقراطية. اما دعم الشعب السوري من اجل التغيير، فهو واجب على المجتمع الدولي، فتطلع القوى المدنية والديمقراطية السورية الى نظام مدني ديمقراطي عادل، والى السلام والوئام الاجتماعي، بحاجة ماسة الى التضامن والدعم المادي والمعنوي، وهنا يكمن واجب المجتمع الدولي. اما السلاح، فقطعا لم يستهو الحركة الشعبية الديمقراطية التي تعمل من اجل التغيير، فهي تتوسل الكفاح السلمي واللاعنفي. السلاح سيصل الى القوى الاصولية والمتطرفة، وكأن الهدف من وراء ذلك هو تسليم الحكم على طبق من ذهب الى القوى الاصولية والمتطرفة.
التضامن لا يأتي عبر رمي المزيد من السلاح وازدياد حمامات الدم، والقتل والذبح والتصعيد بالخطابات الطائفية، وإنما هناك آليات اخرى للتضامن. وواجب المجتمع الدولي هو حقن الدماء، وإيجاد كل أشكال الضغط على النظام كي يستجيب الى رغبة الشعب في التغيير، وتقديم كل اشكال الدعم السياسي والمعنوي والمادي للقوى المدنية والديمقراطية.