المنبرالحر

ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة ......عبد الكريم قاسم بطل عراقي بامتياز/ د. مؤيد عبد الستار

رغم مرور اكثر من خمسة عقود على رحيل الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم ( اغتيل في شباط 1963) بسبب مؤامرة قذرة دبرها حثالة من المجرمين الذين شهدت بغداد ما اقترفوه من جرائم ظلت تلاحقهم وتصمهم بالعار الابدي ، الا ان ذكراه العطرة ما زالت تذكي اريج النبل و رحيق الشهامة و عزة الشهادة التي قدمها هذا البطل الاسطوري مفجر ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة والذي اشتهر باخلاصه ونزاهته وسريرته الصافية فشغل اعز مكانة في قلوب ابناء شعبه الذين يقدرون تضحياته ولم يـبخل باخر قطرة دم زكية في سبيل عيشهم الرغيد وتحريرهم من الفقر والجهل والبؤس الذي كان يخيم على حياتهم .
عبد الكريم قاسم الزعيم الذي استطاع حـمل راية الكفاح الحقة بين يديه عاليا من اجل رفاهية شعبه الذي قدم له افضل الخدمات السكنية والزراعية والتجارية وحرر اقتصاده من قيود العملة البريطانية ، وحرر فلاحيه من عبودية الاقطاع ، وخلق طبقة برجوازية ناهضة استطاعت الاسهام في تطوير القطاعات المختلفة من اعمار وزراعة وصناعة ليعيش الشعب بحبوحة اقتصادية ورفاه لم يشهده من قبل ، فشاع مزاج التعلم واصبحت المدارس في متناول المواطنين الذين هبوا اليها صغارا وكبارا ، الصغار في المدارس النهارية والكبار يتعلمون القراءة والكتابة في المدارس المسائية ، وانتشرت مدارس محو الامية التي كانت تشهد اقبالا منقطع النظير .
في عهد عبد الكريم قاسم شبع الطلاب الفقراء طعاما في مدارسهم من مشروع التغذية المدرسية الذي كان يطبق في المدن و القرى.
في عهد عبد الكريم قاسم شعر الفلاح لاول مرة بانه حر ، يمتلك ارضا يزرعها ويستطيع الاقتراض من المصرف الزراعي ، ويحصل على خدمات المرشد الزراعي ويزوره في قريته الموظف الصحي الذي يقدم له الخدمات الطبية مجانا .
في عهد عبد الكريم قاسم عمرت المدينة بالشوارع المبلطة بالاسفلت ، واصبحت الشوراع مضاءة بالاعمدة الكهربائية الحديثة .
في عهد عبد الكريم قاسم حصلت المرأة على اهم الحقوق التي تضمن لها كرامتها ، وشرع قانون الاحوال الشخصية الذي يعد افضل قانون اجتماعي في الشرق الاوسط حتى اليوم ، واصبحت اول امرأة وزيرة في حكومة الرابع عشر من تموز.
في عهد عبد الكريم قاسم اصبح اول شخص من الاقليات الدينية رئيسا لجامعة بغداد، الدكتور عبد الجبار عبد الله ، رغم كونه ليس مسلما وانما مندائيا ، في موقف تحد من عبد الكريم قاسم لمن اراد ان يفرق بين المواطنين بسبب عقيدتهم او دينهم او قوميتهم .
في عهد عبد الكريم قاسم حصل العامل لاول مرة على حق تشكيل نقابة حقيقية تدافع عنه وتعمل على حصوله على اجور وافية من صاحب العمل و ضمان حقوقه .
في عهد عبد الكريم قاسم حصل اغلب الناس على عمل يلائم امكاناتهم في المراكز البلدية حتى وان كانوا ذوي تحصيل دراسي بسيط .
في عهد عبد الكريم قاسم اصبح الجندي مثالا للتضحية وحصل على مكانة متميزة في المجتمع .
في عهد عبد الكريم كان المسؤول نزيها لا يعرف السرقة ، لان زعيمهم كان نزيها لايعرف الفلس الحرام الطريق الى جيبه ، بل كان يوزع راتبه الشهري على المواطنين .
في عهد عبد الكريم قاسم فتحت معامل الخبز الشعبي التي كانت تبيع رغيف الخبز بمبلغ زهيد جدا، فكان الفقراء يحصلون على ما يشاؤون من الخبز لاسرهم بسعر رمزي ، حتى اصبحت علامة خبز المعمل دلالة على الخبز الرخيص الذي يشتريه المواطنون ويبذرونه يمينا وشمالا دون حساب، واشتهرت مقولة الزعيم عبد الكريم قاسم لصاحب المخبز الذي كان يعلق صورة كبيرة للزعيم، قال له حين زار المخبز ليلا في زيارة تفقدية ببغداد : صغر الصورة وكبر الشنكة ـ اي اجعل صورتي صغيرة بدلا من هذه الصورة الكبيرة التي تعلقها واجعل عجينة رغيف الخبز كبيرة – لكي يشبع بها الفقراء .
في عهد عبد الكريم قاسم شيد معظم الناس بيوتا لهم ، ومن لم يستطيع ، قدم طلبا للحكومة المحلية ليحصل على دار كانت البلديات تشيدها وتوزعها على المواطنين ، وكان ما شيدته حكومته خلال اربع سنوات اكثر مما قامت به جميع الحكومات التي جاءت بعده .
في عهد عبد الكريم قاسم كان النفط ملكا للشعب ، ولم يستطع اي وزير او مسؤول التلاعب بسعره او ببيعه ، ناقش الزعيم عبد الكريم نفسه شركات النفط من اجل الحصول على اكبر امتيازات لشعبه ، وهو الذي وضع قانون رقم 80 الذي ضمن حقوق الشعب العراقي في استثمار حقول النفط المستكشفة ، وكان ذلك سببا رئيسا في اغتياله من قبل العصابات البعثية .
في عهد عبد الكريم نستطيع تعداد الاف الامثلة الباهرة التي قدمتها ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة ، ولذلك ستبقى هذه الثورة ورمزها الخالد عبد الكريم قاسم منارا عاليا في سماء العراق الى الابد .
المجد والخلود لثورة الرابع عشر من تموز ولقادتها الميامين وزعيمها الشهيد عبد الكريم قاسم ورفاقه الابرار .