المنبرالحر

خمبابا حارس غابة الطائفية / ئاشتي

يستهلك هذا الدم العراقي المهدور يوميا فرحَ روحكَ تدريجيا، وكأنه على موعد مع غابة الحزن والقتل، حيث وجوه النساء والرجال شوهتها طلقات الغدر والدناءة، وبالطبع لا لشيء سوى أنهم أرادوا أن يعيشوا مثلما يشتهون أو ربما فكروا هكذا، وقد تجد هناك من يهلل ويكبر لهذا الذبح المجاني، لكأن ذبح العراقي هو ذبح كبش للفداء من أجل أن تتحقق أمنية ما في صدورهم، حقا يدوخك هذا الوضع كثيرا لهذا تحاول أن تفهم تاريخ هذا الخلاف والاختلاف، هل بداية تشكيل الدولة العراقية هي السبب؟ أم أن النصف الثاني من خمسينات القرن المنصرم هي باكورة الدم تبعتها همجية الحرس القومي في النصف الأول من ستيناته، وقد تدع جانبا كل هذا وتبحث عن معنى عراقيون يباركون ذبح عراقيا من الإذن إلى الإذن دون أن يتحرك فيهم ولو للحظة هاجس الرحمة الإنساني، الأسئلة كثيرة وأهمها هل نحن الذين ابتلينا بالعراق أم العراق هو الذي ابتلى بنا؟ لماذا غرسوا أشجار الطائفية في بلادنا حتى أصبحت غابة واسعة الأطراف والجميع يعرف أن ثمارها مرة كالعلقم ولكنهم يسقونها بزعاف حقدهم والأنكى من ذلك هم يعرفون من أنها غابة للطائفية ويكلفون خمبابا بحراستها، فليس غيره اقدر على حراستها ورعاية أبنوس طائفيتها، ولكي تزهر هذه الغابة لابد من دم عراقي يهدر كل يوم، يصب في سواقي غابة الطائفية ويسقى جذور الحقد والقتل المتواصل.
يستهلك هذا الدم العرقي المهدور يوميا فرح َ روحك تدريجيا، وكأن حمى الموت قد تداعت عليك من أجل أن لا ترى عراقك يتهشم مثل زجاج قدح بلوري، أو ربما ترى عدوى الطائفية تكبر مثل كرة الثلج الساقطة من قمة الجبل، فتلف بطريقها الناس البسطاء والأميين وأنصاف المتعلمين والمتعلمين والمؤسف أن تلف بطريقها أيضا بعض المثقفين، فيغرقون في غابة الطائفية وربما أحيانا يمتدحون حارسها خمبابا لأنه الحارس الأمين على مصالحهم ضمن أطار الطائفة، فأين تولى وجهك أنت الحالم بعراق يحتوى الجميع تحت جناحيه ويمنحهم الحنان والدفء كي تورق في أعينهم صباحات التفاؤل والحب وترتسم على وجوههم إمارات السعادة التي تعرفها أكثر بقاع الأرض بعيدا عن الدم والقتل؟
يستهلك هذا الدم العراقي المهدور يوميا فرحَ روحكَ، وليس لك غير تبتهل إلى حبك لهذا العراق وتنهض كل صباح قبل شروق الشمس لتقول:
(أنهض قبل شروق الشمس كل صباح
أوجه وجهي للذي علمني حب العراق
أصلي صلاة الفجر بخمس وثلاثين مليون ركعة
وأتلو كل أدعية الحرص والرحمة
أن يقتلَ أبناءُ العراق خمبابا
حارس غابة الطائفية في بلادنا)