المنبرالحر

اين حقى- لشاعر الشعب محمد صالح بحر العلوم-1908 -1992 تعود للحياة ويرددها العراقيون الآن/ على عجيل منهل

"أين حقي- هي قصيدة طالما رددها العراقيون، واليوم باتت تتردد كثيرا على الالسن، حيث التهميش والتهجير الجماعي الذي تقوم به عناصرالارهاب- بحق المدنيين من الاقليات في المحافظات العراقيه وخاصة الموصل وآخر هذه الانتهاكات تمت بإرغام المسيحيين والرهبان والقساوسة على ترحيلهم من ديارهم في مدينة الموصل بحسب المفوضية العليا لحقوق الانسان.--
وبعد ان ازال مسلحو الدولة الاسلامية في العراق و الشام – داعش الصليب من على كنيسة مار افرام للسريان الارثوذكس في حي الشرطة بالموصل، قاموا بنصب مكبرات الصوت فوق الكنيسة ليتم رفع الآذان منها". وباتت مدينة الموصل خالية تماما من المسيحيين الذين فروا تحت وطأة تهديد داعش وتخييرهم بين اعتناق الإسلام او عقد الذمة أو مواجهة الموت في مهلة انتهت يوم السبت. واخضع "داعش" مدينة الموصل بالكامل تحت سيطرته وطبق نظرته المتشددة للشريعة الإسلامية على الأقليات الدينية من المسيحيين والشيعة والايزيديين مما تسبب بتهجير مئات الالاف.-واليوم طلبوا من الاكراد مغادره من الموصل----
"أن هذا الاستهداف جاء على شكل التطهير العرقي او الديني او المذهبي -وعمليات التهجير والتنكيل بحق الاقليات احزنت الشعب العراقى وحركته الوطنيه- الذي اكدت ان هذه الخطوة محاولة لتمزيق النسيج الاجتماعي وتشتيت الشمل بين مكونات الشعب الواحد.
ان تهجير وطرد الاقليات والمكونات - تهز باقي المكونات الكبرى للشعب العراقى
ومع تصاعد وتيرة اعمال العنف وما يتمخض عنها من تهميش للاقليات اخذت تتردد-قصيدة شاعر الشعب محمد بحر العلوم - 1908 -1992-
.. أحد أشهر شعراء واعلام العراق في ثلاثينيات القرن الماضي .. رغم انّه ينحدر من عائلة معروفه دينيه .وانه كان محسوبا على الحزب الشيوعي .. حيث كان ناشطا في القاء القصائد العمالية التي تحمل روح النقد والتذمر على الاوضاع الغير العادلة في المجتمع ..وقد سجن اكثر من مره لنضاله الطويل من اجل استقلاال العرق وتحرره من الظلم ومن اجل الوطن الحر السعيد
تعد قصيدة أين حقي للشاعر محمد صالح احد أشهر وأروع قصائده على الاطلاق التى لاقت استحسان جميع من قرأها او سمعها - وهى قصيدة ضد الاضطهاد والظلم والتهميش واستعمال الدين لغرض الاستغلال السياسى والاجتماعى والاقتصادى- وفيها كثير من المعانى الفلسفية والعقلية وتدعو الى تحسين حياة الانسان وخاصة الطبقة الكادحة ومحاربة الظلم والاستغلال والاستعباد ورفض التهميش -

قصيدة شاعر الشعب - محمد صالح بحر العلوم
اين حقي
1 -
رحت أستفسر من عقلي وهل يدرك عقلي
محنة الكون التى استعصت على العالم قبلي
ألأجل الكون أسعى أنا أم يسعى لأجلى
وإذا كان لكل من فيه حق: أين حقي؟!
2 -
فأجاب العقل في لهجة شكاك محاذر
أنا في رأسك محفوف بأنواع المخاطر
تطلب العدل وقانون بنى جنسك جائر
إن يكن عدلا فسله عن لساني: أين حقي؟!
3 -
أنا ضيعت كما ضيعت جهدا في هباء
باحثا عن فكرة العدل بكد وعناء
وإذا بالناس ترجو العدل من حكم السماء
وسماء الناس كالناس تنادى: أين حقي ؟!
4 -
أتراني أرتئى ما يرتئيه الناس كونا
وأجارى منطقا يعتبر الشك يقينا
وأقر الوهم فيما يدعيه الوهم دين
أفسيعود العلم يدعوني بحق: أين حقي؟!
5 -
إن أنا أذعنت للخلق وحاولت التعامي
كان شأني شأن من يطلب غيثا من جهام
فنظام الخلق لا يعرف وزنا لنظامي
ونظامي لم يزل يصرخ مثلى: أين حقي؟!
6 -
ما لبعض الناس لا يحسب للتفكير فضلا
ومتى ناقشته الرأي تعداك وولى
زاعما إبقاء ما كان على ما كان أولى
من جديد يعرف الواقع منه: أين حقي؟!
7 -
ليتني أستطيع بعث الوعي في بعض الجماجم
لأريح البشر المخدوع من شر البهائم
وأصون الدين عما ينطوي تحت العمائم
من مآس تقتل الحق وتبكى: أين حقي؟!
8 -
يا ذئابا فتكت بالناس آلاف القرون
أتركينى أنا والدين فما أنت وديني
أمن الله قد استحصلت صكاً في شؤوني
وكتاب الله في الجامع يدعو: أين حقي؟!
9 -
أنت فسرت كتاب الله تفسير فساد
واتخذت الدين أحبولة لك واصطياد
فتلبست بثوب لم يفصل بسداد
وإذا بالثوب ينشق ويبدو: أين حقي؟!
10 -
بان هذا الثوب مشقوقا لأرباب البصائر
فاستعار القوم ما يستر سوءات السرائر
هو ثوب العنصريات وهذا غير ساتر
وصراخ الأكثريات تعالى: أين حقي؟!
11 -
كيف تبقى الأكثريات ترى هذى المهازل
يكدح الشعب بلا أجر لأفراد قلائل
وملايين الضحايا بين فلاح وعامل
لم يزل يصرعها الظلم ويدعو: اين حقي؟!
12 -
أمن القومية الحقة يشقى الكادحونا
ويعيش الانتهازيون فيها ناعمونا
والجماهير تعانى من أذى الجوع شجونا
والأصولية تستنكر شكوى: أين حقي؟!
13 -
حرروا الأمة إن كنتم دعاة صادقينا
من قيود الجهل تحريرا يصد الطامعينا
وأقيموا الوزن في تأمين حق العاملينا
ودعوا الكوخ ينادى القصردوما: أين حقي؟!
14 -

يا قصورا لم تكن الا بسعى الضعفاء
هذه الأكواخ فاضت من دماء البؤساء
وبنوك استحضروا الخمرة من هذى الدماء
فسلى الكأس يجبك الدم فيه: أين حقى ؟!
(15)
حاسبينى ان يكن ثمة ديوان حساب
كيف أهلوك تهادوا بين لهو وشراب
وتناسوا أن شعبا فى شقاء وعذاب
يجذب الحسرة والحسرة تحكى: أين حقى؟!
(16)
كم فتى فى الكوخ أجدى من أمير فى القصور
قوته اليومى لا يزداد عن قرص صغير
ثلثاه من تراب والبقايا من شعير
وبباب الكوخ كلب الشيخ يدعو: أين حقى؟!
(17)
وفتاة لم تجد غير غبار الريح سترا
تخدم الحى ولا تملك من دنياه شبرا
وتود الموت كى تملك بعد الموت قبرا
واذا الحفار فوق القبر يدعو: أين حقى؟!
(18)
ما لهذى وسواها غير ميدان الدعارة
لتبيع العرض فى أرذل أسواق التجارة
وإذا بالدين يرميها ثمانين حجارة
وإذا القاضى هو الجانى ويقضى: أين حقى؟!
(19)
أين كان الدين عنها عندما كانت عفيفة
ومتى قدر حقا لضعيف وضعيفة
ولماذا عدها زانية غير شريفة
الان العرف لا يسمع منها: أين حقى؟!
(20)
كان من واجبه يمنحها عيش كفاف
قبل أن يضطرها تبتاع عيشا بعفاف
ولماذا أغلظ القاضى فيها وهو مناف
للنواميس ولا يسأل منها: أين حقى؟!
(21)
كم زنى القاضى وكم لاط بولدان وحور
واحتسى أوفر كؤوس من أباريق الفجور
أين كان الدين عن اجراء قاضيه الخطير
ولماذا لم يصارحه كسجان: أين حقى؟!
(22)
أ لقاضى الدين تميز على حال الجماعة
أعليه الحكم لا يرى وان يأبى أتباعه
أقضاة الدين أدرى بأساليب الشفاعة
واذا الدين ارتضاها لم يطالب: أين حقى؟!
(23)
برياء ونفاق يخدعون الله جهرا
أين مكر الله ممن ملئوا العالم مكرا
ان صفا الأمر لهم لن يتركوا لله أمرا
وسيبقى الله مثلى مستغيثا: أين حقى؟!
(24)
ليس هذا الدين دين الله بل دين القضاة
لفقوه من أحاديث شياطين الرواة
وادعوا أم من الله نظام الطبقات
ان يكن حقا فقل لى يا الهى: أين حقى؟!
(25)
ليس فى وسعى أن أسكت عن هذى المآسى
وأرى الأعراف والأعراف من دون أسى
بين مغلوط صحيح وصحيح فى التباس
وكلا العرفين لا يفهم منه: أين حقى؟!
(26)
خطأ شاع فكان العرف من هذا الشياع
وصواب حكم العرف عليه بالضياع
وسواد الشعب مأخوذ بخبث وخداع
لقطيع يلحق الذئب وينعى: اين حقى؟!
(27)
ليس هذا الذنب ذنب الشعب بل ذنب الولاة
وجهوا الأمة توجيه فناء لا حياة
وتواصوا قبل أن تفنى بنهب التركات
واذا الحراس للبيت لصوص: أين حقى؟!
(28)
دولة يؤجر فيها كل أفاك عنيد
أجره لا عن جهود بل لتعطيل الجهود
لم يواجه نعمة الأمة الا بالجحود
واذا النعمة تغلى فى حشاه: أين حقى؟!
(29)
من فقير الشعب بالقوة تستوفى الضرائب
وهو لم يظفر بحق ويؤدى ألف واجب
فعليه الغرم والغنم لسراق المناصب
أيسمى مجرما ان صاح فيهم: اين حقى؟!
(30)
من حفاة الشعب والعارين تأليف الجنود
ليكونوا فى اندلاع الحرب أخشاب وقود
وسراة الشعب لاهون بأقداح وغيد
وجمال الغيد يستوجب منهم: أين حقى؟!
(31)
عائشا عيشة رهط لم يفكر بسواه
همه أن ينهب المال لاشباع هواه
أين من يفتح تحقيقا يرى عما جناه
ويريه بانتقام الشعب جهراً: أين حقى؟!
(32)
أيها العمال هبوا وارفعوا هذى البراقع
عن وجوه ما بها غير سحاب ومصانع
واصرفوها عن عيوب عميت عن كل دافع
وترانى صادقا عنها بقولى: أين حقى؟!
(33)
أيها العمال أين العدل من هذى الشرايع
أنتم الساعون والنفع لأرباب المصانع
وسعاة الناس أولى الناس فى نيل المنافع
فليطالب كل ذى حق بوعى: أين حقى؟!
(34)
كيف يقوى المال أن يوجد فى غير جهود
أين كان النقد لولا جهد صناع النقود
ومتى يقدر أن يخلق طيرا من حديد
فلهذا الجهد أن يدعو جهرا: أين حقى؟!
(35)
أين كان المال قبل الجهد أو قبل الطبيعة
وهما قد سبقاها فى غابر العهد شروعه
واذا بالمال لا يذكر للعهد صنيعة
وإذا بالجهد يستجدى صهبانا: أين حقى؟!
(36)
لم يؤثر بيقينى ما أقاسى من شجون
فشجونى هى من أسباب تثبيت يقينى
ولتكن دنياى ما بين اعتقال وسجون
وليكن آخر أنفاسى منها: أين حقى ؟!