المنبرالحر

إمكانية التغيير ! / محمد عبد الرحمن

شعبنا لا يستحق ما يجري له، وهو ينوء تحت وطأة العديد من القضايا والملفات ذات العيار الثقيل . لعل في المقدمة الآن ما يقوم به داعش من موبقات تخرجهم عن تصرفات البشر . فشره شمل الجميع ، وليس هو في وارد استثناء احد حتى من تحالف معه او انخدع للوهلة الاولى به وحسبه انه المخرج من مأزق قاد اليه نهج ولاّد للازمات.
فالوطن يئن ، وجراحه يعمقها الارهاب والمليشيات المنفلتة ، فلا عذر لمن يساهم في زيادة الطين بلة ، بهذا الشكل او ذاك ، وبالذات من جانب من يحسبون انفسهم على العملية السياسية الجارية الآن في بلدنا بما لها وعليها، خصوصا عندما يأتي ذلك من قوى متنفذة وحاكمة تمتلك القرار وتتحكم فيه ، لا سيما ما له صلة مباشرة بالقوات العسكرية و الامنية .
الوضع حرج بما فيه الكفاية ، ولا يتحمل المزيد من التجارب بما جاءت به سابقا ، وما يمكن ان تجيء ، من انعكاسات سلبية خاصة وان بلدنا الآن في مخاض عسير و ممارسة جديدة لانتقال السلطة الذي لا بد ان يكون سلميا وان يتكرس كنهج لا رجعة عنه ، وهو ما يتوجب ترسيخه عبر ممارسة دستورية قانونية سليمة ، تجنبا لأية تفسيرات متقلبة تقود اليها مصالح ضيقة يضعها اصحابها فوق كل اعتبارات اخرى ، وفوق مصالح الشعب والوطن العليا .
وها قد لاحت امكانية اولية لفتح كوة في جدار ما ساد خلال الفترة الماضية ، و الكل معني بتطوير ورعاية ذلك والمضي به الى ابعد حدود التغيير المطلوب ، وهنا لن يقتصر الامر على تغيير طواقم الحكم ، على اهمية ذلك ، فهو مرتبط على نحو لا فكاك منه باجراءات اخرى ، غدت بمثابة استحقاقات وطنية لا تقبل التأجيل او التلكؤ و الا فان النكوص سيكون سيف ديموقليس المسلط على الرقاب .
لا ينفع فقط تغيير الاشخاص ، على ما للاشخاص من دور ، فلكي تكون للتغيير بداية سليمة يفترض ان يكون هناك منهج جديد، نمط تفكير جديد ، اداء آخر و ادارة تقطع الصلة بما ثبت بطلانه وعدم صلاحيته وانكشاف سوءاته . نعم ، لا بد من ممارسة اخرى مختلفة تماما يكون لا فيها الحاكم لحزبه ، وكتلته وطائفته وقوميته ، بل لكل العراقيين على اختلاف اطيافهم ومشاربهم ، و عليه ان يراجع كافة التجارب السابقة ويتجنب اخطاءها وهي عديدة .
ليس من المسموح به ان تقتل اية بادرة انفراج وتوأد في مهدها ، لا لسبب الا لكون البعض لا يستطيع ان يعيش مثل بقية العراقيين ، و دون تلك الامتيازات الفاحشة وعلى حساب ابناء الشعب المكتوين بنار ممارسات ذلك البعض الخاطئة التي اوصلتنا الى ما نحن فيه ، حيث يتحكم داعش برقاب العراقيين في ما يقرب من نصف مساحة العراق ، او هم تحت التهديد الدائم من شذاذ آفاق هذا التنظيم الذي هو صنيعة بيئة لا تقيم للانسان وزنا ، ولا يسمع الحاكم فيها الا صدى ما يقول .
لكن الإمكانية لن تتحول إلى واقع معاش من دون تواصل الضغط الجماهيري السلمي الدستوري على كافة الصعد.