المنبرالحر

"أحلى من الشرف مَفيش" / مازن العاني

وانا اقرأ العمود الأجمل لهذا العام، الذي نشرته الصحفية القديرة سلوى زكو/ "دعارة"، في جريدة "العالم الجديد" حول جريمة شقق زيونة، التي راح ضحيتها عدد من النساء والرجال على أيدي قتلة ما زالوا مجهولين، عادت بي الذاكرة الى مشاهد من افلام مصرية قديمة، وتذكرت اثنيين من نجوم السينما في ذلك الزمان: يوسف وهبي وتوفيق الدقن.
"شرف البنت زي عود الكبريت يْوَلعْ مرة وِحدة" عبارة رددها يوسف بيك وهبي في أكثر من فلم، حتى باتت مرتبطة باسمه. واضح ان البيك يوسف وهبي (المقيم في هذا الجزء من العالم) موقن ان الشرف كما قالت زكو" يقبع بين فخذي امرأة، وكل ما عدا ذلك مباح لا علاقة له بقيم الشرف"، وان قتلة نساء شقق زيونة اقاموا الحد على النساء المغدورات وفق فتوى عود الكبريت.
اما الدقن توفيق المتخصص بلعب دور الشرير ، فقد ظهر في واحد من افلامه مخادعا لعوبا مستغلا للاخرين ومستغفلا لهم ، من اجل مكاسب وامتيازات خاصة، وفي كل مرة يقوم بواحدة من الاعبيه الرخيصة كان يبتسم بخبث واضح مرددا: "احلى من الشرف مفيش"، بطريقة يعترف فيها ان خداعه للاخرين واستغفالهم قضية تثلم شرف من يمارسها، ومع ذلك فالامر لا يهمه.
قبل يومين وانا اقرا تقريرا لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تذكرت مقالة السيدة سلوى ومعها تذكرت البيك وهبي والدقن الشرير.
تقرير الوزارة اشار الى انه خلال السنوات الثلاث الماضية تم الكشف عن أكثر من 39 ألف متجاوز على شبكة الحماية، يتقاضون رواتب الرعاية الاجتماعية، وتم استرجاع مبلغ تجاوز 40 مليار دينار. لاحظوا: اكثر من 39 ألف "داعر" يستحلون سرقة اموال الضعفاء والمهمشين من الارامل والايتام والمتعففين، دون ان يرف لهم جفن او يوخزهم ضمير ان كان ثمة بقية من ضمير. فالى أي درك وصل بنا الحال، والى اية هاوية انحدرنا؟
نعم ايتها القديرة، كما صرخت بمرارة: هنا، في هذا البلد الامين وكما ترين "لا أحد يصف ناهبي المال العام بأنهم بلا شرف، ولا ينتقص من شرف المرء أن ينتظم في عصابة مسلحة تثلم شرف الدولة، ولا ينزع أحد الشرف عن مزوري الشهادات وعاقدي الصفقات المشبوهة..."
ولهذا لا أظنك ستستغربين اذا طرق سمعك غدا ان سارقي مال اليتامى هؤلاء نظموا تظاهرة يطالبون فيها بغلق قضاياهم واعادة ما استرجعته الدولة من سرقاتهم، ورد الاعتبار لهم وبخلاف ذلك فانهم سيضعون الدولة امام "الفصل العشائري" لمقاضاتها والجهات التي اساءت اليهم.
ولن نستغرب اذا عرفنا ان اكبر الاحزاب الحاكمة اليوم يعجزعن تحشيد العدد الذي سيشارك في هذه التظاهرة، وانا هنا "لا أنطق عن الهوى" إن هو الا واقع نعيشه كل يوم، واقع "عود الكبريت".ألم يناقش البرلمان في دورته السابقة مشروع قرار لاصدار عفو عن مزوري الشهادات الدراسية ، الذين وصل عدد المكتشف منهم الى اكثر من 39 الفاً؟ ألم تنظم تظاهرة من هؤلاء المزورين امام البرلمان "على عينك يا تاجر"؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا العمود سيظهر اعتباراً من الاسبوع المقبل كل يوم اثنين، في اعلى يسار هذه الصفحة.