المنبرالحر

من يتصدى لاخطبوط الفساد !/ محمد عبد الرحمن

لا شك ان المهام التي تنتظر الحكومة الجديدة واسعة ومتشابكة ، وهي ذات صلة وثيقة بما تراكم من اخطاء وممارسات في السنوات السابقة ، وما ينتظره ابناء الشعب من حلول لملفات عالقة عديدة. كما لا ريب ان الملف الامني وتحقيق الاستقرار والامان يعدان من الاولويات. ولا تقل عن ذلك اهمية محاربة الفساد بكل انواعه واشكاله .
ان ابناء شعبنا لا يتطلعون فقط الى معالجة ما تراكم من مشاكل وما جاء به نظام المحاصصة الطائفية الاثنية من ازمات ، بل يتطلعون بالقدر ذاته الى قيام نظام مؤسسي دستوري يحول دون اعادة انتاج الجديد من المشاكل، اضافة الى فتح آفاق مستقبلية وفضاءات لغد افضل ، تترسخ فيه قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، ويحترم الانسان كاغلى قيمة في الحياة بالمطلق .
وقد اعطى رئيس الوزراء المكلف ي تصريحاته الكثير من الاهتمام لمكافحة الفساد، وهو محق بذلك نظرا نظرا لطغيان الفساد وانتشاره كالاخطبوط في مرافق الدولة، وتسربه كثيرا الى المجتمع. حتى غدا مؤسسة متغولة لا يصمد امامها الا القليل، وهو ما اشره نائب عن دولة القانون في برنامج لفضائية " بي بي سي " العربية، عندما تساءل عما اذا كان هناك حزب واحد غير متهم بالفساد؟ وقد رد عليه شريكاه في البرنامج الدكتور غسان العطية والسيد صادق الموسوي بالقول: نعم، هناك الحزب الشيوعي العراقي، فهو لم توجه له اية تهمة بالفساد. وعندما حاجج ا?سيد النائب بان هذا الحزب لم يشارك في الحكم، قيل له : لا، فقد شارك في الحكم وكان له وزراء ونواب .
ان ما ذكر على لسان السيدين العطية والموسوي بخصوص الحزب الشيوعي، اصبح معروفا على صعيد المجتمع، وان السجال وتساؤل النائب عن دولة القانون يعكسان درجة ما وصلنا اليه، فهذا نائب في البرلمان لا يتصور وجود اي حزب ، لا سيما من احزاب السلطة ، غير متورط بهذا الشكل او ذاك بالفساد.
وبقدر ما كان ما اوردناه وساما آخر يهدى عبر الاثير الى الحزب الشيوعي العراقي واعضائه وجماهيره، اصحاب الايادي البيضاء ، فقد كان الامل ان تتسع قائمة المشمولين بهذا التكريم ، احزابا وشخصيات. فبدون ذلك تظل مهمة مكافحة الفساد ومعالجة اسبابه غير سهلة المنال .
وتأسيسا على ما ذكر اعلاه ، ونظرا الى حجم الفساد المستشري ، وانغمار مؤسسات كاملة فيه، فان علاجه يحتاج الى مجموعة مقاربات واجراءات وجهد وطني شامل، ومن ذلك تمكين الاجهزة المعنية من اداء دورها كاملا بدون اي تدخل في اعمالها ، وابعادها عن التجاذبات السياسية ، وجعلها تتمتع حقا وفعلا بالحيادية والاستقلالية التامة ، ووقف تغول السلطة التنفيذية عليها ، كما حدث لحد الان. كذلك ان تكون هذه المؤسسات ذاتها على درجة عالية من الكفاءة والجدية والنزاهة ، وان يتم التوظيف فيها على وفق معايير سليمة، بعيدا عن المحسوبية والمنسوبية والحزبية الضيقة. لانها إن فسدت فلا امل يرتجى في كل ما هو مسطر على الورق من مشاريع وسياسات .
و " من يصلح الزاد اذا الملح فسد ".