المنبرالحر

من أجل قانون انتخابي يحقق عدالة اكبر / صالح العميدي

استنادا للمادة 94 من الدستور التزم مجلس النواب بقرار المحكمة الاتحادية الصادر في حزيران 2010 باجراء تغييرات على قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي أفضى الى نتائج اكثر عدالة باعتماد طريقة سانت ليغو في توزيع المقاعد. ومازال قرار المحكمة ساريا بالنسبة لقانون انتخابات مجلس النواب القادم، الذي يريده الشعب قانونا يبعد مجلس النواب عن نزعة الهيمنة والاستئثار والتفرد، ويعمق الممارسة الديمقراطية، ويوسع دائرة المشاركة في صنع القرار، ويعزز مبدأ المواطنة والوحدة الوطنية.
إن قانونا كهذا لا يمكن أن يتحقق في ظل ظروف بلدنا الراهنة إلا باعتماد نظام المشاركة الانتخابية بالتمثيل النسبي، حيث ابتكر هذا النظام منذ اكثر من قرن، بهدف تأمين مشاركة عادلة لجميع الاتجاهات، بما يضمن تمثيل الأقليات والأحزاب الصغيرة التي تخوض المعركة الانتخابية وذلك بتمكينها من المشاركة في شغل المقاعد البرلمانية بما يتناسب مع ما حصلت عليه من أصوات تعبر عن مركزها في الحياة السياسية في الدولة 0 وبهذا فان هذا النظام لا يمكن تطبيقه أيضا إلا في ظل نظام الانتخاب بالقائمة.
لا شك إن هذا النظام يتيح فرصة أكبر لمشاركة مختلف التيارات السياسية حيث تتمكن معظم الاحزاب من المشاركة في المقاعد البرلمانية بقدر حصيلة الأصوات التى حصلت عليها في الانتخابات، ويمكن الاقلية من التعبير عن وجهات نظرها.
وبالنسبة للواقع العراقي الراهن، حيث وجود أحزاب دينية ومذهبية وقومية تنحصر قواعدها في الغالب في محافظات معينة. لذا فإن هذه الاحزاب، غالبا ما، تميل إلى تقسيم العراق إلى دوائر انتخابية متعددة تضمن كل اصوات أعضائها ومؤازريها تقريبا. أما الاحزاب التي تتوزع قواعدها على مختلف محافظات العراق ستتشتت أصواتها ولا يسمح لها بالحصول على العدد المطلوب من الاصوات للفوز بأي مقعد من مقاعد المحافظة في البرلمان ! ومن جانب آخر، تشير الشروط المنظمة لحق المشاركة الانتخابية في أكثر دول العالم إلى شرط منع العسكريين من ممارسة الحقوق السياسية، وفي مقدمتها حقهم في المشاركة الانتخابية. ذلك لاسباب لعل أبرزها كما نصت عليها دساتير وقوانين وأنظمة الانتخابات في تلك الدول، هي منع الضباط من ممارسة ضغوطهم على الافراد، وما يترتب على ذلك من فساد لنظام الانتخابات وتشويه لنتائجها. وإبعاد الجيش والشرطة كمؤسسات عسكرية وأمنية ذات خطورة وأهمية خاصة، عن ميدان الصراع السياسي، والمحافظة على نظام وتقاليد المؤسسة العسكرية، المهنية، وما تقتضيه من طاعة وانضباط بين الجنود والضباط، ومن تصدع هذه المؤسسة وتمزيق وحدتها كنتيجة للخلافات التي قد تنجم بشكل أو آخر عن مشاركة العسكريين في السياسة.
وحقيقة الأمر، أن مثل هذا القيد ذو طبيعة مؤقتة، حيث يعود لأي شخص حقه في المشاركة ومباشرة، كافة حقوقه السياسية بمجرد إنهاء ارتباطه بالجيش أو الشرطة. وفي ضوء تجربة العراق في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، برزت تساؤلات كبيرة عن التباين الكبير في معدل تصويت العسكريين الذي وصل إلى 75% تقريبا، ومعدل التصويت في الاقتراع العام الذي لم يتجاوز 50% مما يؤشر إلى ان أكثر العسكريين قد دفعوا دفعا للتصويت لهذا الحزب او ذاك من الأحزاب المتنفذة، حيث لوحظ توافد العسكريين على مراكز الانتخابات في الاقتراع الخاص بصحبة ضباطهم !!
ونتيجة لسياسة المحاصصة التي تنتهجها الأحزاب الحاكمة، تنقسم ولاءات الضباط بين تلك الاحزاب، وبالتالي غالبا ما تأتي نتائج تصويت العسكريين لصالح تلك الاحزاب الحاكمة دون غيرها! إلا ان هذه القضية ترتبط، اليوم، بموقف دستوري. ففي الوقت الذي منعت المادة 9 من الدستور تدخل القوات المسلحة في الشؤون السياسية إلا انها أعطتها الحق في المشاركة الانتخابية. ولحين تعديل الدستور يمكن للقانون الجديد إلغاء التصويت الخاص وإدلاء العناصر العسكرية والأمنية بأصواتها في الاقتراع العام إسوة ببقية المواطنين.
أما بالنسبة للقائمة المفتوحة فهي تعطي حرية اكبر للناخب في اختيار مرشحه، عكس القائمة المغلقة التي غالبا ما يتم التصويت لها بالكامل أو التركيز على الأسماء الاولى فيها، أو كما يحلو لرئيس الكتلة في منح المقاعد لمرشحيها. وبذلك يتحول المرشحون ((الفائزون)) إلى أسرى لرؤساء كتلهم، لا حول لهم ولا قوة داخل البرلمان الذي غالبا ما يتحكم بقراراته رؤساء الكتل أنفسهم !!