المنبرالحر

النازحون والدعم الصحي / د. سلام يوسف

بالنخوة ،بالنخوة العراقية الأصيلة فقط، أحتضن أهالي المحافظات أهلنا النازحين قسراً من المناطق التي نكبت بالإرهاب. وبالنخوة الإنسانية قدّم أهالي بغداد وباقي المحافظات ما بإمكانهم أن يقدموه حيث فتحوا أذرعهم وصدورهم وقلوبهم لإيواء من تنصلت عنهم الجهات الأمنية الرسمية ولينفرد بهم وحوش العصر الحديث، والغريب أن الجهات الحكومية الرسمية لم تحرك ساكناً، فتم إيواء هؤلاء النازحين في أغلب المدارس وحمداً لله فلم يتم منعهم من دخولها حينها، كون تلك المدارس بنايات حكومية!! ولكن الآن، وزارة التربية تطالبهم بأخلائها مجدداً لقرب بدء العام الدراسي الجديد!
من تهجير قسري الى إيواء نصف انساني الى مطالبة مرة أخرى باخلاء المدارس، هذا هو حال النازحات والنازحين العراقيين كباراً وصغاراً نساءً ورجالاً، فالكرامة مهدورة والنوم حرموا منه!!
منذ نكبة 9/10 حزيران 2014 (يبدو ان شهر حزيران تكثر فيه النكبات) لغاية اليوم، ثلاثة أشهر، ثلاثة أشهر ليست قصيرة في قياسات الدول التي تحترم شعوبها أيام الكوارث والنكبات والمِحن، بل وقت طويل وطويل جداً لبناء مجمعات للنازحين ،نعم هذا وقت كافٍ لحكومة تطبق الدستور وتؤدّي التزاماتها في تأمين أمن وحماية مواطنيها، لماذا كل هذا التلكؤ والتباطؤ في توفير السكن اللائق بإنسانية الإنسان؟ والجواب ليس من الصعوبة معرفته ،فسياسة المحاصصة التي أنتجت الفساد لا بد أن تنتهي الى هذه النتائج المخجلة.
اليكم أن تتخيلوا كم هي مترديّة أوضاع النازحين الصحية، فبدلاً من عائلة واحدة تستخدم المرافق الصحية(حينما كانوا في بيوتهم) ،أصبحوا اليوم يشاركون عشرات العوائل بنفس المرافق، وكذلك لكم أن تتخيلوا حجم المأساة حينما يكون الماء شحيحاً جداً (كما هو الحال في مجمع النبي يونس ـ مجمع النهروان للنازحين الذي أنشأته محافظة بغداد بجهود ذاتية ولا زال قيد الإنشاء، وكذا الحال في مجمع النبي شيت)، هذا ناهيك عن الأوضاع البيئية التي ستسبب كوارث صحية حقيقة أذا ما بقي الحال كما هو الآن، أما المصابون بالأمراض المزمنة فهم ضحايا عدم توفير العلاج لهم رغم كل المساعدات والدعم ،كون تلك العلاجات باهظة الثمن(والتي جاءت ضمن موجة التلاعب بمصائر الناس تلاعباً تجارياً).
النازحون مهددون بأخلاء المدارس ،ولا يوجد أي بديل ملموس لإيوائهم في اماكن اخرى، آمن وجاهز، فأين سيذهبون والشتاء على الأبواب، والأمراض التنفسية تنتشر في فصل انخفاض درجات الحرارة وخصوصاً بين الأطفال؟
فصل الشتاء قادم، يعني الأمطار والبرودة، فأين سيعيشون؟ في ظل أية أوضاع بيئية، حتى وإن توفرت التدفئة، فهل ستكفي، هل يوجد ما يغطي أرضية الغرف والصالات؟
هل الأفرشة والأغطية يتم تعقيمها؟ هل المصابون بأمراض انتقالية توجد أمكانية لعزلهم؟
كيف نعتني بالنازحة الحامل ،أو النازح من ذوي الاحتياجات الخاصة؟
ان الواقع أسوأ مما نَصِفه، والكارثة أكبر من جهد نخوة أو فزعة، الموقف يحتاج الى أموال وإمكانات دولة، وعلى المسؤولين إعلان العراق بلداً منكوباً يحتاج الدعم الدولي العاجل في توفير مستلزمات إيواء عشرات ألوف النازحين جراء كارثة فشل الحكومة في توفير الأمن لأبناء الشعب!