المنبرالحر

كيف أفهم مهام الوزير، وعضو البرلمان/ د. علي الخالدي

نتيجة تصعيد سقف مطاليب الكتل واﻷحزاب السياسية ، عند عملية تشكيل الكابينة الوزارية، والتنافس فيما بينها لنيل هذا الموقع أو ذلك في الرئاسات الثلاث، وما تبع ذلك من لغط في وسائل اﻹعلام و تحيز لهذا الطرف أو ذلك ، أحتدم الصراع بين إرادة المكلف بتشكيل الوزارة على أساس الترشيق والكفاءة وبين اﻹستجابة ﻷجندات تلك الكتل واﻷحزاب ، فتولدت لدى البعض من المواطنين وأنا من ضمنهم ، ضبابية حول ماهية التنافس على المواقع ، مبعثها نية إعتماد تواصل مفهوم فرضه نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية في توزيع المناصب في الرئاسات الثلاث ، وتقاسم كعكة الحكم كما كانوا يتصوروا في السابق ، دون اﻷخذ بنظر اﻷعتبار صيحات الجماهير ونداء القوى الوطنية ، فجاء التقاسم ملامسا بشكل بسيط لمتطلبات المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن . وبعيدا بعض الشيء عن مفهوم إعتماد شاغل الموقع كممثل لحزبه وطائفته ومناطقيته. على الرغم من معرفتي المطلقة بأن الوزير لا يمكن أن يمثل حزبه أو كتلته في الكابينة الوزارية ، وإن التمثيل ينحصر في عضوية البرلمان ، ومع هذا، إحتد التنافس الشديد بين اﻷحزاب بالضغط على النيات الصادقة للإستجابة لنداءات التغيير ، فوضع شيء من مقوماته في برنامج الحكومة . مما شوه تصوري لا حقا ، وبدأت أشكك بمعرفتي وإطلاعي المسبق والمستقى من معايشتي لطريقة تشكيل الرئاسات الثلاث وبرامجها القائمة على أسس وطنية . ولحل هذا اﻹشكال لجأت الى جوجل ، فأعطاني ما كنت أعتقد به ، فقد عَرف الوزير بأنه عضو في حكومة ما ، يقودها رئيس وزراء ليتولى وزارة متخصصة أو منصب ، وكلمة وزير مشتقة من كلمة وزر وهي تعني الحمل الثقيل المرهق ، والشاق وباللغة اﻹنكليزية مينستر وهي مشتقة من اللأتينية وتعني الخادم .

أما عضو البرلمان ، فكما يلاحظ في أغلب الدول الديمقراطية ، ينتخبه الشعب ضمن قانون إنتخابات ديمقراطي ، تتنافس فيه اﻷحزاب السياسية للفوز بأكبر المقاعد ، كي تشكل حكومة تنفذ برنامج الحزب الفائز ، و قد يقود هذا الى تشكيل حكومة بلون واحد . وفي حالة عدم الحصول على أغلبية برلمانية يجري تحالف بين عدد من اﻷحزاب ، بعد اﻹتفاق على برنامج حكومي مشترك يلبي مطاليب تلك اﻷحزاب في إطار الجهود التي يبذلها المكلف بتشكيل الوزارة ، ومن ثم يجري اﻹتفاق على توزيع الوزارات بين ااﻹحزاب ، و تشخيص اﻷشخاص الكفوئين الذين يتمتعوا بخبرة مهنية قبل كل شيء في مجال إختصاصهم ﻹشغالها، وهنا تُطلق الخيول اﻷصيلة في قيادة مؤسسات الكابينة ولو إقتضى اﻷمر من خارج التحالف من ذوي اﻷختصاص، و من القائمين على العمل وأبدعوا باﻹنجاز في مؤسسة حكومية أو خاصة لتعضيد وتأمين مسار الحكومة على سكة خدمة الشعب
بينما تبقى مهمة البرلمان إصدار القوانين ومراقبة الخادم ( الوزير) عن مدى ما يحققه من إنجاز في المهمة التي أوكلت اليه . وهو معرض للمسائلة داخل قبة البرلمان ، وكثيرا ما نشاهد رئيس الوزراء بجانبه عند المسائلة ، بكونه المسؤول اﻷول واﻷخير علن إنجاز برنامج وزارته ، فالوزارة تكون ملك جميع الشعب ، وهو المسؤول اﻷول عن تفعيل وسائل مراقبتها ، بمختلف أدوات الضغط السلمية والدستورية في الشارع ، و عبر مندوبيه في مجلس النواب ، وفي حالة الحيد عن ما تعهدت به الحكومة أو خرقت الحريات الدستورية العامة ، والحقت مضار في حقوق الجماهير الوطنية تسحب الثقة منها ، لذا نرى الوزير يعمل كل ما من شأنه أن تعم خدماته وإنجازاته جميع أطياف الشعب ، بعيدا عن أجندات حزبه أو كتلته، حتى لا يقع فريسه افواه مجلس النواب ، الذي يكون له بالمرصاد و هو بدوره ( البرلماني )يخضع لمحاسبة الجماهير التي إنتخبته . لكن ما مر ذكره شذ عنه عراقنا خلال الدورات اﻹنتخابية السابقة، ذلك ﻷن أغلب جماهير شعبنا شأنها شأن الدول الحديثة بالحياة الديمقراطية، تركض وراء من يكيل الوعود ، وتستهويها الكلمات ذات الطعم الحلو والبراق التي يكيلها المرشح ، فتخدع وتمنح صوتها له ، أما تحت ضغط اﻷعراف العشائرية والمذهبية كما هو جار ، بالرغم من معرفتها أنه يخفي طموحه في اللقب والمنصب ذي المكاسب الفريدة من نوعها، ومع التحسن البسيط المتوالي في كل إنتخابات ، أعتدنا أن نرى نواب الوزير ومستشاريهم ، ورؤساء دوائرها ، يأتون من نفس بطانة الوزير ، بحجة إحداث اﻷنسجام الفكري والروحي في تلك المؤسسات ، دون رفدها بأفكار إضافية ، لتبقى حبيسة الغايات الحزبية والمآرب الطائفية ، لكن كل المؤشرات تشير الى أن الكابينة الجديدة سوف لن تحذو حذو سابقاتها ، على الرغم من غياب الكفاءة من أغلب الوزارات، و الرجل المناسب في المكان المناسب.