المنبرالحر

السحنة.../ احمد عواد الخزاعي

السحنة مفردة عربية فصحى ، وتعني هيئة وحال اوالوجه..وتستخدم هذه المفردة بكثرة في المناطق الجنوبية من العراق وتلفظ بفتح السين ، ولها دلالتين ومعنين عندهم ..الاولى تستخدم للاشارة الى ملامح الوجه وتفاصيله ، واما الثانية فتستخدم للاشارة الى حالة الاغماء التي تصيب الانسان دون معرفة اسبابها ، في أحدى رحلاتي اليومية الى محل عملي شدني مشهد غريب في أحدى مناطق بغداد الواقعة شرق دجلة ، تداخلت فيه المدنية مع الريف والبداوى..في مساحة لاتزيد عن بضع كيلو مترات مربعة كان يشيد حي جديد أستخدمت فيه أحدث طرز العمارة والبناء الحديث ، وفي الطرف المقابل لهذا الحي كان تقبع هنالك عشوائية سكنية بنيت بيوتها من الصفيح ومخلفات البناء ، تتخللها سرادق وخيم تقطنها العوائل ومنذ سنين ، والغريب ان أرصفة حي الصفيح هذا قد رصفت بالحجر الملون وتركت فيه مساحات لتزرع بالثيل والزهور ، مما شكل هذا المنظر لوحة سيريالية عجز حتى سلفادور دالي رائد السريالية العالمية عن تخيلها ..وكان الاجدر ان تستغل المبالغ التي صرفت على ارصفتها لبناء مساكن عصرية بسيطة لهؤلاء الفقراء بدلا من بيوت الصفيح التي تأويهم ..وهذا التناقض والفوضوية نجده في الكثير من مناطق العاصمة ، على الرغم من المبالغ الطائلة التي صرفت عليها لتجميلها، مما تسبب في غياب (السحنة) والملامح الحقيقية لبغداد الحبيبة وأضمحلال هويتها المدنية التي سبقت فيها أغلب عواصم المنطقة ، حينما كانت حاضرة يتغنى بها الشعراء ، ويحلم الكثيرين من قادة المحيط الاقليمي أن يكون لديهم أنموذجا مشابها لها في بلدانهم ...من يطالع الاخبار في الايام القليلة الماضية ، يلاحظ وجود فتور في حماسة الحكومة العراقية الجديدة وتباطؤ في أتخاذ القرارات المهمة التي تمس حياة ومستقبل المواطن العراقي بصورة مباشرة ، فبعد البداية القوية والمشجعة لها أصيبت بأغمائة مفاجئة نجهل الكثير من أسبابها ..فلا وزراء أمنيين ، وكابينتها الوزارية لم تكتمل بعد ، وأدخلتها القوى الداخلية والخارجية في دوامة الصراعات والمساومات فافقدتها القدرة على المبادرة سعيا لأرضاء هذا الطرف أو ذاك ، مما تسبب باصابتها (بالسحنة) ..لكننا ندعو من الله تعالى ان تكون هذه السحنة مؤقتة ومرحلية لألتقاط الانفاس لاغير ، فالشعب ينتظر الكثير من هذه الحكومة ويأمل الخير منها بعدما سحقته عجلة الازمات والانتكاسات المزمنة في مشهد حياته اليومية.