المنبرالحر

الجيش الذي لايقف مع الحاكم / زهير كاظم عبود

أدرك شعب مصر أن السيد محمد محمد مرسي لا يصلح لرئاسة كل مصر ، وبقي متمسكا بكفاءته كخطيب للجامع ، او امام لقرية من قرى مصر ، واخفق في ان يشارك في رسم خارطة للمستقبل المصري بكفاءة ، وانه بقي قياديا في حزب يميني مصري ،ولم يخرج من قوقعته ليصبح رئيسا لكل المصريين بكافة ميولهم وانتماءاتهم الفكرية ، كما اخفق في رسم سياسة مصرية معتدلة ، بل وزاد من تحجيم دور مصر الكبير في المنطقة ، وكان محمد محمد مرسي على طول فترة رئاسته لمصر تابعا لسياسات اخرى اعتقد انها تصلح له كموجه ومخطط له ، واخطأ حين ظنها تصلح لقيادة شعب مصر .
وافتقد الكفاءة المطلوبة في شخص من يتبوأ هذا المنصب ، مثلما افتقد للشخصية التي تقود مصر بكل اديانها وقومياتها وطوائفها فسقط في عيون المصريين قبل ان يسقط في عيون شعوب المنطقة والعالم .
تحركت مجموعة من شباب مصر ( حركة تمرد ) تهز كرسي محمد مصري فاستهان بها ، وضعت تلك المجموعة يدها على جراح مصر ، وناشدت ضمائر المصريين تطالب بالدعوة الى انتخابات رئاسية مبكرة ، فهبوا ولبوا النداء ، فكانوا صوتا هادرا ومعبرا عن خيبة أملهم في أن يرتفع محمد مرسي العياط الى مستوى القائد ورئيس الجمهورية المصرية ، ولفشله الذريع في ادارة دفة البلاد ، ولاعتماده فقط على قيادات الحزب الديني اليميني الذي هو احد قياداته ، ولفرضه شعارات وأهداف الحزب على كل المصريين ، ولاعتقاده ان شعب مصر يمكن تطويعه وان يتحول الى خانع وتابع ، سقط محمد مرسي في التجربة ، وتنادى المصريين بكلمة ( أرحل ) ولابديل عن تنحيه وإقالته عن تلك المسؤولية التي لم يتمكن من ادارتها وتبوء مكانها بجدارة .
كان محمد مرسي قائدا لحزب الحرية والعدالة اليميني ، وعضو سابق في مكتب الإرشاد لجماعة الأخوان المسلمين ، وهو احد قياداتهم العليا ، كما كان نائبا سابقا بمجلس الشعب المصري للفترة من 2000- 2005 ، وحاصل على شهادة الدكتوراه بالهندسة ، وعمل رئيسا لقسم علم المواد بكلية الهندسة بجامعة الزقازيق ، ومع كل تلك المراكز والشهادات إلا انه اخفق بشكل ذريع ولافت في قيادة شعب مصر .
كانت مصر بحاجة لمن يرمم حالها ويجبر كسورها ويعيد لها وجهها البهي ، فساهم محمد مرسي في زيادة اوجاعها ، وفشل في إدارة ازماتها وحل مشاكلها ، وزادها تعقيدا وإرباكا ، ولم يتمكن مرسي ان ينجح في قرار سياسي واحد لافتقاده للحنكة السياسية ، وقصوره في فهم الواقع المصري والعربي والإقليمي ، ولم يتمكن محمد مرسي أن يدير البلاد كرئيسا لكل المصريين ويستوعب الجميع ، بل عاد كما كان عضوا في جماعة الإرشاد ، فأخفق في ان يصلح لمثل هذا المنصب الرفيع ، بعد اشتداد المطالبات برحيله اظهر مثالا عمليا وفعليا في عدم قدرته على فهم ما يجري في الشارع المصري ، وصم آذانه عن صوت الملايين التي خرجت تطالب برحيله غير مأسوفا عليه ، وذلك في خطاب يدلل على انغلاقه الفكري وعدم حنكته وافتقاده لموجبات رجل الرئاسة بتمسكه بالسلطة بالرغم من كل ما يحيط مصر من أحداث ، ومجازفا بحياة ودماء الالاف من ابناء مصر .
وزاد الطين بله حين أصر على التمسك بالمنصب طمعا بالكرسي ، متمسكا بذريعة شرعية انتخابه ، وغير عابئ بكل تلك الملايين التي سحبت ترشيحها له وطالبته بالرحيل ، واخفق حين اعتقد ان جماعة الأخوان المسلمين تنظيمه السياسي هم كل مصر ، فأنغلق فكريا وسياسيا ، وبالإضافة الى الإخفاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فأخفق في أن يرى المستقبل بعيون مصرية مشتركة ، اصاب ذلك المصريين بيأس وقنوط في النظرة الى الأمل والمستقبل ، أدى ذلك الى التدهور الحاصل في الحياة المصرية ، وغاب عن مصر البرنامج المشترك الذي يجدد امل المصريين في حياة يتمتع بها المصري بكرامة وعز وشرف ، وتضمن له الحياة الكريمة ، فأن لغة تحدي الشعب التي ظهرت في خطابه الاخير لغة متخلفة وغير مقبولة ومخالفة للمنطق والعصر ، ولأن الجيش المصري على الدوام كان يقف الى جانب الشعب في مطالباته ضد الحاكم ، على العكس من جيشنا العراقي الباسل الذي يقف مع الحاكم ضد الشعب على طول الخط ، وتلك الظاهرة جزء من تكوين شخصية الفرد ، ولم تزل قواتنا المسلحة وأمننا الداخلي يسعى الى اذلال المواطن العراقي بذريعة حمايته ، وعلى مر التاريخ الحديث كانت القوات المسلحة في العراق يد الحاكم التي تبطش بالشعب ، وعلى العكس تماما وقف الجيش المصري وقفة تاريخية مشرفة الى جانب المطالبات المليونية .
بوقوف القوات المسلحة مع الشعب كانت نتيجة الحسم مؤكدة ومعروفة ، فتم عزل محمد محمد مرسي العياط عن المنصب الذي لم يكن ليصلح له ، وبعزل مرسي بدأت مرحلة انتقالية جديدة مرت فيها مصر بتجربة حكم الحزب الديني اليميني الفاشلة .
ولعل تجربة حكم الحزب الديني وفشل الرئيس المعزول محمد مرسي تجربة لايستهان بها ويمكن ان تستفاد منها شعوب المنطقة ، وتلك الرؤية هي ما سينتهي اليه الحال عاجلا ام آجلا .