المنبرالحر

وزارة الصحة .. التركة الثقيلة / د. سلام يوسف

إن أداء الحكومة السلبي خلال الفترة الماضية (والتي امتدت الى حوالي عشر سنوات)، قد أفرز سلبيات لا تعد ولا تحصى، وأبرزها الوتيرة التصاعدية في الخرق الأمني واستشراء الفساد الإداري والمالي.
هذا الواقع المر يجب أن يكون مدعاة للتوقف عنده وعلينا أن نسهم جميعاً بالعمل من أجل الانتقال من الفشل الى النجاح أو على الأقل إيقاف التداعيات.
أسباب الفشل معروفة ومعلومة والكل يلمسها حتى في المنام! وتفاعلات الفشل عديدة ونتائجه كثيرة، ولوزارة الصحة منها حصة كبيرة.
وهذا يعني من الناحية الواقعية الملموسة أن وزيرة الصحة والتي تم اختيارها على رأس هرم الصحة في البلد ورثت تركة ثقيلة وكبيرة ، بل، أنها إزاء مهمة وطنية وإنسانية متشعبة وواسعة، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنجزها دون توفر وتوفير أدوات، مستشعرة بالخطر، متألمة لما يجري، تواقة للتغيير، علمية، لها ملكة الإدارة والتخطيط، وهذا لا يمكن أن يحصل دون أشراك العناصر المؤمنة بمبدأ إنقاذ الوطن والمجتمع، الحريصة، ذات التأريخ الوطني المشرّف، المجرّبة بحرصها الفائق وأمانتها ونظافة يدها وعفتها.
السياسة الصحية في العراق تشوبها الكثير من التشوهات، بل والأمراض، و هناك نقص كبير جداً في كل عناوين المؤسسات الصحية الخدمية، وما يتبع ذلك من نقص شديد بالعدّة والعدد وأيضاً بكل الكوادر الصحية والطبية والتمريضية والخدمية، تدني مستوى تقديم الخدمات المقدمة للمواطنين والتي تتخللها السمسرة والمتاجرة بأرواحهم من خلال الفساد الإداري والمالي، وهو سِمة العراق المحاصصاتي، اضافة الى ضياع قاعدة الشخص المناسب في المكان المناسب لأسباب محاصصاتية، وفقدان التطبيق العملي والمعنوي لمادة وردت في الدستور، وهي (أن تأمين صحة الموا?ن من مهام الدولة)، والحقيقة فأن صحة المواطن تعبث بها تجارة الطب والصيدلة، وبالتالي فأن خصخصة التطبيب تعني إضافة هَمْ أخر على كاهل الشعب، و رافق ذلك تراجع واضح في تهيئة الكادر الوسطي (معاهد ومدارس تمريضية)، ناهيك عن تدني مستوى التعليم الطبي الجامعي.
لا نملك قاعدة بيانات دقيقة (ولأسباب عديدة) كي يمكن رسم خطط صحية إستراتيجية قريبة، متوسطة وبعيدة المدى. الخارطة البيئية لعبت وتلعب دوراً مهماً في البناء الصحي، وبيئتنا تعاني الكثير والكثير من المعطيات التي تجعل صحة المجتمع مهددة دوماً.
وتبقى العِلّة المزمنة والتي نواجهها يومياً ،هي هبوط مستوى الوعي الصحي المجتمعي، مما يشكل عبئاً ثقيلاً بل هي العقبة الكأداء أمام إيقاف زحف الأمراض وبكل الاتجاهات.
لذلك، نقول لك يا وزيرة الصحة، أنت لستِ وحدك في خضم هذا الكم والإرث الكبير جداً من هموم ومشاكل صحية متعددة ومتنوعة أكبر من أن يتصدى لها شخص أو مجموعة او تمثل جهة سياسية معينة، حيث ان الموضوع وطني عام و يحتاج مشاركة كل الوطنيين للنهوض بهذه المهمة الكبيرة.
نحن معكِ يا وزيرة الصحة على هذا الطريق، وكوني أجرأ من غيرك في رفض ما يُملى عليك من أسماء وعناوين، انحازي سيدتي الى الوطن والمواطن، وليس لحزب أو طائفة او قومية او دين.