المنبرالحر

لأوروبا أخطاؤها أيضاً / قيس قاسم العجرش

لم يكن يسخر تماماً حين سألني: لو أن ابا بكر البغدادي أراد طلب اللجوء الى جهة يضمن فيها "حريّة مُمارسة عقيدته" تراه أين سيتجه؟! او ..دعنا نقول مساعد أبي بكر البغدادي، او السائق الخاص به، أو حتى زوجته، حين سنكتشف في ما بعد انها ليست متهمة بأي شيء، حينها ستسعى إلى طلب اللجوء ..فأين ستتجه؟
قلت ساخراً: ربما يذهب الى الولايات المتحدة، هناك سيكون من السهل عليه تجنيد الأتباع والمُناصحة وممارسة الهَدي! في مساجد فاخرة بنيت خصيصاً لهذا النوع من الدعاة.
إجابتي كانت خاطئة، خاصة بعد ان نبّهني صديقي الصحفي (نصف العراقي) الى أننا يجب أن نراجع أولاً قائمة :أحسن جوازات السفر في العالم، والجواز الأميركي أو وليّ عهده المعروف بـ (الغرين كارد) ليسا هما الأفضل عالمياً..مفاجأة اليس كذلك؟
هذه القائمة تخبرنا أن احسن جوازات السفر في العالم هي التي تصدر في اسكندنافيا وما حولها من شمال أوروبا، اي فنلندا والنرويج والسويد ومعهم الدنمارك، بالإضافة الى الجوازات البريطانية والاسترالية.
حامل جواز السفر الذي يصدر عن هذه الدول بإمكانه النزول في معظم دول العالم بلا إجراءات للفيزا او التأمين الصحي او شرط الحجز لرحلة العودة أو توفر الغطاء المالي لرحلته، او غيرها مما يطلب منا نحن المساكين من حملة الجوازات الأسوأ في العالم، الجواز العراقي والأفغاني او الباكستاني.
بإمكان حامل الجواز الفنلندي على سبيل المثال زيارة 174 دولة في العالم بلا فيزا مسبقة، أو أن ينال الفيزا عند الوصول حالا، بينما حامل الجواز العراقي بإمكانه أن يدخل بعد الحصول على الفيزا الإعتيادية الى 30 دولة فقط، وهي في تناقص مستمر.
وهنا لا نتحدث عن الفيزا التي تمنح لأغراض الإبتعاث الحكومي او الجوازات الدبلوماسية.
أمر آخر يبعث على السخريّة المرّة. فقد نـُشرت أخيرا احصائية تخمينية حول جنسيات المسلحين الذين يقاتلون ضمن صفوف تنظيم (الدولة الإسلامية) والدول التي قدموا منها.
لم يكن غريباً ان نجد بريطانيا وفنلندا والنرويج والسويد واستراليا في مقدمة هذه البلدان، بينما جاءت كل قارّة آسيا في المرتبة الثانية في التصدير الى داعش.
لنتصور فقط أن افغانستان ارسلت لنا مقاتلين وانتحاريين أقل مما فعلت فنلندا!
عربياً كانت تونس الأولى في تصدير المقاتلين وليست السعودية كما كان يعتقد، تليها الجزائر(البلد الذي رحل اليه آلاف المدرسين العراقيين في السبعينيات وتركوا بصمتهم على جيل بأكمله).
يعني باختصار، إن الدول التي تمنح حقوق اللجوء للقادمين من الشرق كي يحملوا أقوى جوازات العالم، ساهمت هي الأخرى في إنتاج التطرّف وخلق وحشية تنظيم (الدولة الإسلامية)، ساهمت عبر إيوائها لهم، ومنحهم جوازاتها بفضل سذاجة أجهزة الأمن فيها وكذلك عبر ترهّـل قاعدة البيانات والمعلومات فيها عن سدنة الموت هؤلاء.