المنبرالحر

وزارات تعاني التهميش../ احمد عواد الخزاعي

مفردة تهميش من المفردات التي كثر تداولها في وسائل الاعلام والتصريحات السياسية في السنين القليلة الماضية ، وبالتحديد بعد سقوط الصنم عام 2003 وتشكيل نظام سياسي جديد كانت وما تزال الديموقراطية تشكل عنوانه العريض ، وبغض النظر عن كمية الحقيقة التي تحملها هذه المفردة ومدى تطابقها مع الواقع عند ارتباطها بسجالات ومناكفات سياسية وطائفية ، لكنها في في كل الاحوال تكون اشارة الى وجود خلل او مشكلة ، تتطلب من اصحاب القرار تشخيصها ووضع الاصبع عليها ، ثم محاولة حلها بالطريقة التي ترضي الجميع دون غبن او اجحاف لاحد ..وهنا اشير الى موضوع قد يكون بعيدا قليلا عن السياسة بصيغتها المباشرة ، لكنها تلامس من قريب او بعيد واقعنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي ..تشكلت اولى الحكومات العراقية مابعد التغيير في ظل وجود المحتل الامريكي والذي كان له القول الفصل في تركيبتها واختيار وزرائها بل حتى في عددها وماهيتها ، وكان لنظام المحاصصة الطائفية والقومية الذي ابتدعته امريكا الاثر الاكبر في تحديد عدد حقائبها ، التي تجاوزت العدد التقليدي المتعارف عليه في العراق منذ عقود ، والسبب هو اتساع القاعدة السياسية التي تمثل هذه الاثنيات والقوميات مما يتطلب ارضاء الجميع ، وكان من نتائج هذا التوسع هو ظهور (وزارة العلوم والتكلنوجيا ) للوجود كأبن شرعي ووريث لمنظمة الطاقة الذرية العراقية التي تأسست في مطلع ستينيات القرن الماضي..وضمت خيرة الكفاءات العلمية التي شهدها العراق على مدى العقود الماضية ، وبغض النظر عن الضغوطات والاجندات السياسية للنظام السابق والتي تلاعبت وغيرت طبيعة عمل واداء هذه المنظمة الا انها كانت تشكل رقما علميا صعبا ، ونواة حقيقية لمشروع علمي نهضوي في العراق كان يمكن استثماره بشكل افضل بكثير مما هو عليه الان ..فمنذ تاسيس وزارة العلوم والتكنلوجيا وهي وموظفيها يعانيان الاهمال والتهميش وعلى جميع الاصعدة ، وينظر اليها من الحكومة وجميع الفرقاء السياسيين على انها وزارة ثانوية ولم يتم تسليط الضوء عليها لمعرفة المشاكل التي تعانيها ، والمستوى المعيشي لموظفيها ورواتبهم التي شكلت علامة فارقة في هذه الوزارة دونا عن الوزارات الاخرى من حيث انخفاض هذه الرواتب اذا ما قورنت باي وزارة اخرى ..مما شكل هذا طبقية اجتماعية داخل مؤسسات الدولة نفسها ، وهذا الشئ لايحدث حتى في اكثر دول العالم رأسمالية ..وقد سبب هذا تباطؤ وتلكؤ في العطاء العلمي لاغلب موظفيها ، اضافة الى كم هائل من المشاكل المتراكمة من مخلفات الحكومات السابقة والتي تتطلب من السيد فارس يوسف ججو وزيرها الجديد جهدا استثنائيا لمعالجتها وتذليلها ،ومن اهمها مشكلة مستعصية اصبحت غصة في افواه اغلب موظفيها الا وهي مشكلة (الدرجات الوظيفية ) والترفيعات فقد غبن حق الالاف من هؤلاء الموظفين وضاعت عليهم سنين عديدة من الخدمة الوظيفية دون ترفيع او منحهم درجات وظيفية اسوة بموظفي الدولة العراقية في الوزارات الاخرى لاسباب لازال الكثير منهم يجهلونها ..مما شكل عامل احباط اضافي عليهم ساهم في تراجع الاداء العلمي والحضاري لهذه الوزارة وتأخرهم وظيفيا عن اقرانهم في مؤسسات الدولة الاخرى..لذلك فاننا نتوسم الخير الكثير من معالي الوزير الجديد ، لانه ابن حزب عريق لازالت الذاكرة الجمعية للشعب العراقي تحتفظ بسجل لارثه النضالي والانساني في مقارعة انظمة الظلم والجور في تاريخ العراق الحديث من اجل تحقيق العدالة الانسانية والحياة الكريمة لهذا الشعب..ونأمل منه كذلك القضاء على الكثير من المظاهر السلبية في هذه الوزارة كالمحسوبية والمنسوبية والطائفية والمناطقية والفساد الاداري ، حتى تكون انموذجا يحتذى به وعلامة مشرقة تضيئ للكثيرين عتمة المستقبل .