المنبرالحر

عيد بأي حال عدت ياعيد / احمد عواد الخزاعي

تحتفل الشعوب ومنذ فجر البشرية بأعيادها التي تختلف شكلا ومضمونا عن بعضها البعض ، الا انها ترتبط بحلقة وصل بينها، هي ان جميعها تمثل لحظات فرح وسعادة وتجدد..لذلك سعت جميع الاديان السماوية والوضعية الى ترسيخ هذا النهج لما فيه فائدة تعبوية تثقيفية واجتماعية كبيرة ينتج عنها خلق اجواء من اللحمة والتواصل بين افراد معتنقيها ، وعامل توحد وارتباط بينهم ، وكذلك لما لها من تأثير نفسي على الفرد وخلق حالة من التجدد والفرح والامل والترقب للقادم الافضل اضافة الى فوائدها الاقتصادية،فجعلت هذه الاديان مناسبة العيد بداية او خاتمة لطقوس دينية يشعر من خلالها الانسان المعتنق لها بانه حقق منجزا ايمانيا اضيف الى رصيده ، يكون العيد محطة استراحة ومكافئة دنيوية له ناهيك عن ما يأمله من ثواب في العالم الاخر، وقدعرفت مفردة العيد بعدة مفاهيم منها ..(انه قطعة من الزمن خصصت لنسيان الهموم وطرح الكلف واستجمام القوى الجاهدة في الحياة)..وقد عرفة العلامة الطريحي بانه (اليوم الذي يعود فيه الفرح والسرور) ..وهنا مربط الفرس كما قالت العرب قديما ..في بلادي توجد اعياد لكن لايوجد الفرح او غاب عنها الفرح قسريا ، في بلادي شعب يستقبل اعياده بالبكاء والنواح بين شواهد القبور وشواخص الاحبة الذين رحل الكثير منهم عنا وهم في منتصف الطريق ، منذ اربع عقود ونحن نجتر الحزن والبكاء لاناس كانوا يشكلون رقما صعبا في حياتنا ورحيلهم مفترق طرق حدد مصير الكثير منا وخلف ورائه طوابير من الارامل والايتام ،وجبل من الاحزان اثقل كاهل هذا الشعب المنكوب ..في رحلة الموت التي امتدت من عام 1980حين اراد المقبور ان يصبح قائدا للامة العربية فرمى بابناء هذا الشعب المسكين في حربه العبثية مع ايران ومنها ابتدأت مسيرة الشموع والبخور وماء الورد نحو وادي السلام حيث يرقد شبابنا المظلومون الذين جعلهم طاغيتنا المقبور وقودا لنزواته فسرق احلامهم في وضح النهار تحت طيات التراب ..لتستمر ثورة طغيانه وتحصد الالاف من ارواح ابنائنا في حرب الخليج الثانية ومقابره الجماعية وأنفاله وحواسمة التي هوى بها صنمه اللعين على الارض ، لكن قدماها تشبثت بهذه الارض ليترك لنا ماتبقى من مسلسل الموت الابدي وتخلف لنا الارهاب ، وهاهم العراقيون تتطاير اشلائهم في الطرقات والاسواق وعلى اعتاب المساجد منذ احد عشر عام ، والبعض منهم مشرد ولاجئ في وطنه بلا مأوى بفعل الارهاب الاعمى ..وقد حل العيد فكيف لقياك يا ايها العيد وبأي حال عدت ، ونحن نلمم اشلاء قتلانا من ارصفة الشوارع ونسكن المقابر حيث يرقد الاحبة ، انها مسيرة اعيادنا على هذه الارض الحزينة ، حيث لافرح ولا سرور ولا امل ولا ترقب لجديد يزيح عن صدورنا حزننا السرمدي ..ورحمك الله شاعرنا العظيم المتنبي حين قلت (عيد بأي حال عدت ياعيد..بما مضى ام بأمر فيك تجديد).