المنبرالحر

مصر: الشعب يستعيد المبادرة..!/ باقر الفضلي

لقد كان يوماً فارقاً في حياة الشعب المصري، حينما حققت إرادته الشجاعة في الثلاثين من حزيران/2013، إستعادة المبادرة في وضع بوصلة الثورة التي كان هذا الشعب، قد ثار من أجل أهدافها في الخامس والعشرين من يناير/2012، في مسارها الصحيح، بعد أن إكتشف كادحوه ونخبه المثقفة وسائر طوائفه الأخرى، حقيقة المسار المنحرف لبوصلة  الثورة، الذي إعتمدته قيادة جماعة الأخوان المسلمين، التي تمكنت من التسلق الى مدارج السلطة، من خلال آليات الديمقراطية، لدرجة وقفت فيه في النهاية، منفردة بمواجهة كافة قوى الشعب الرافضة لمسار العملية السياسية التي قادتها الجماعة بالإتجاه الخاطيء..!؟

فقد أدركت قوى الشعب المصري بكافة فصائلها المنتفضة وبشكل مبكر، ومنذ يوم الإعلان الدستوري، خطورة الطريق الذي أدارت فيه قيادة الجماعة دفة البلاد، الأمر الذي رفضته تلك القوى منذ البداية، وأعلنت وقوفها ضده من خلال سلوكها الطريق السلمي للإحتجاج، الذي إنعكس بالتحشيد الجماهيري الذي فاق في حجمه وشموليته كافة التصورات، ليأخذ شكلاً مليونياً قلما شهدته مصر من قبل..!؟(1)  

فليس غريباً أن يجترح الشعب المصري العظيم؛ العريق في تأريخه وفي ثقافته وتراثه، مثل هذا النصر الفريد في نوعه، والنادر في محتواه، وهو في مواجهة تهديد حقيقي لكل قيمه التراثية ومكاسبه التأريخية، واسس بناء دولته المدنية العريقة في التأريخ وفي مسار الحضارة..!

وما العزل الشعبي للسيد محمد مرسي من منصب رئاسة الجمهورية في الثالث من تموز/2013، والذي إستجابت له قيادة القوات المسلحة والأطراف السياسية الوطنية وحشود الشباب، والطوائف الدينية، إنما يمثل في الحقيقة، قمة النضوج في وعي وإدراك الشعب المصري، لعمق الأزمة وخطورتها المدمرة على مصير الوطن والشعب، وبالتالي فلا مناص من الإقدام على مثل ذلك الإجراء الشرعي، الذي يمثل في جوهره إرادة شعبية شرعية، مدعومة بملايين الأصوات الحرة التي ضاقت بها ميادين وشوارع المدن المصرية، والتي تجاوزت الثلاثين مليونا، لتعكس في النتيجة ما تعنيه جدلية (الشرعية الثورية) في الحالات الحاسمة، فالشعب وفي جميع الأحوال، هو مصدر (الشرعية) بجميع أنواعها، بما فيها (الشرعية الدستورية)، وهو نفسه من يمتلك حق سحب تلك الشرعية، إذا ما أصبحت تلك الشرعية بيد من منحت له، وسيلة للإستبداد وطريقاً لإنعدام العدالة وحافزاً للظلم وجور الحاكم..!

كما ومن جانب آخر؛ فإن إجراء عزل السيد محمد مرسي من منصب رئاسة الجمهورية إنما يعني تعبير او تطبيق عملي للحكم الشرعي القائل : (درء الضرر الأشد بالضرر الأقل)، وهو ما إستند اليه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ (الأزهر الشريف)، في مساندته لإجراء العزل، بهدف تجنيب البلاد التداعيات الضارة والأخطار المدمرة لإستمرار السيد محمد مرسي في منصبه كرئيس للجمهورية ومن أجل حقن دماء المواطنين، في وقت بات فيه التمسك بالسلطة من خلال المنصب، هدف بذاته، في مواجهة رفض ومعارضة شعبية عميقة وواسعة لم تشهد لها مصر من قبل مثيلا..!؟

_______________________________________________

(1)             http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=333714