المنبرالحر

العراق المنهوب.. العراق المسروق / آشتي

«1»
يتنفس الحزن في رئتيك كل صباح، ما دام للزمن في حياتك أكثر من مساحة للشماتة والتشفي، تحاول أن تستعيد توازن الوطن في روحك، تهرب اليقينية من بين أصابعك فتضيع في سراب الشك، أنت المحمول على كف الوضوح والشفافية مثلما تدعي، لا ترى غير بريق زائف لغيوم تحلق بعيدا في سماء غير سمائك على ما يبدو، لا مطر يأتي ولا إبل ترعى في صحراء وطنك، فالعراق منهوب .. العراق مسروق وليس لك من أمر غير أن تستعيد بقايا الضوء في نهاية هذا النفق.
«2»
لماذا صار العراق مركبا يطفو في بحيرة من نفط؟ لو كان مزرعة كبيرة للبطاطا لما توارثنا الحزن منذ نشوء الدولة العراقية، قد نستحق عطف العالم علينا، ولكننا لم نر ثروات وطننا التي يسلبها ويسرقها وينهبها ويتلاعب بها ويشتري الذمم بها ويتكرم بها الأبناء العاقون ممن يدعون حرصهم على العراق! أنهم يدعون التقوى ويخبئون ثروة العراق في أماكن خارج العراق! أي مأساة أن تعرف كل هذا السوء الذي يجري في وطنك وليس هناك من يعاقب عليه؟ وكأن العراق مباح للنهب والسرقة من أبنائه والأغراب على حد سواء.
«3»
سيدي محي الدين بن عربي كم أنت صائب في قولك «أنسَ ما علمتَ وأمحُ ما كتبتَ وأزهد في ما جمعتَ» ترى هل ينفع قولك هذا مع أصحاب التقوى؟ أم أنك تغني خلف البحار؟

«4»
ليل العراقيين بات طويلا، وأضحت مدنهم مسروقة وأرضهم منفى، منهوبة من سارقين أجلاف لا يميزون بين النخلة وشجيرة الدفلى، كل شيء بالنسبة لهم يجب أن يشمله الدمار، رعاع تجمعوا من بلدان تجاوزت الخمسين بلدا. وأرضهم منفى لهم لا يعرفون لهم مستقرا بها، ترميهم زرافات في خيام ببقاع جرداء، وثروات وطنهم يهربها الأبناء المخلصون إلى خارج العراق حتى يكونوا في مأمن من العقاب، رغم قناعتهم أن ليس هناك من يعاقبهم، فالجريمة واحدة والفاعل واحد بصيغة الجمع.

«5»
الجريمة واحدة في شكلها ومضمونها والفاعل واحد بصيغة الجمع في المسؤولية والموقع في دفة الحكم، فمن يستطيع أن يسرق أكثر من مليار دولار ونصف المليار نهارا جهارا، إذا لم يكن صاحب قرار في الحكم؟ ومن يستطيع أن يتعاون معه (اقرأ معهم) إن لم يكن مطمئنا على حماية نفسه من أية مساءلة قانونية؟
والخاسر واحد وحيد متفرد في خسارته، أنه العراق المنهوب، العراق المسروق!