المنبرالحر

هل بإمكان الإعلام العراقي أن يزرع مفاهيم السلم الأهلي؟* / عماد جاسم

نحن ازاء هجمات ظلامية لقتل الروح الوطنية وتحجيم دور المثقف في التصدي لكل مظهر من مظاهر التخلف والعنف المجتمعي ونعتقد بما لا يقبل الشك ان هناك نظرة سلبية اخذت تتوسع في اذهان الناس حول صعوبة أن يكون هناك تأثير ايجابي للإعلام العراقي الذي يفترض انه يدار من قبل نخب ثقافية وطنية في ظل التناحر والصراع السياسي والقلق من الانزلاق إلى حروب أهلية من خلال توجيه المجتمع نحو تبني خطاب التهدئة وزرع أسس السلم الأهلي وقيم التسامح .
ولأننا نحاول الخروج من طائلة التشكي وجلد الذات مع التحلي بقدر معقول من الموضوعية والتعقل علينا ان لا نبتعد عن الحقيقة وفي ذات الوقت نتسلح بروح المثابرة وتفهم الصورة المجتمعية التي ترشدنا الى آليات البقاء على قيد الامل لاننا محكومون بالامل كما يقول الكاتب العربي الراحل سعد الله ونوس ولانه صيرورة بقائنا في مواجهة قوى التطرف فالعمل المدني من وجهة نظرنا يستند على ركائز شجاعة المواجهة وتحليل وتقييم القدرات لذا نحن نقول إن بإمكان الإعلام ان يلعب هذا الدور الايجابي في زرع مفاهيم السلم الاهلي عندما تكون هناك بيئة مناسبة لعمله الموضوعي وعندما يستطيع أن يخرج الإعلامي العراقي من عباءة السياسيين منطلقا من مبدئية ثابتة أساسها احترام القيم المهنية والأخلاقية للعمل الصحفي لكننا على يقين إن هناك موانع عديدة تحول دون ذلك تتمثل بالفوضى السياسية وعدم وجود قيم مهنية .
ولابد من التذكير مرارا باهمية الإعلامي العراقي ألان باعتباره احد اللبنات الأساسية في إشاعة مفاهيم السلم الأهلي على أن يخرج من دائرة الهويات الفرعية الحزبية أو الطائفية أو القومية نحو تبني آليات ترسيخ الهوية الوطنية ومن هذا المنطلق تكون للصحفي قدرة تأثير الايجابي في المجتمع وتحويل اتجاهاته نحو احترام القيم الإنسانية النبيلة والتخلي عن الخطابات الطائفية والتحريضية .
ومع الاعتراف الضمني إن قدرة الصحفيين محدودة التأثير في المجتمع في ظل حالات العنف المتزايد لمجتمع محكوم بسلطة أحزاب ترفض لغة التعقل والحوار بات من واجب الصحفيين الوطنيين المتشبعين بثقافة احترام الأخر المختلف التصدي للغة التصعيد التي تتبناها وسائل إعلام مغرضة وتعمل تحت تأثير أجندات سياسية .
نعم نكرر اعترافنا ان هناك صعوبة بالغة للصحفيين العراقيين في تأسيس سلم أهلي وإشاعة قيم التسامح والتعايش مع وجود هكذا خطابات متشنجة تكفر الأخر لكن بإمكان مؤسسات حكومية ومدنية مهنية ووطنية ان تستثمر نشاط الصحفيين المنتمين إلى ضمائرهم إلى مسؤوليتهم التاريخية والأخلاقية والوطنية لتعمل على خلق وتأسيس قيم السلم الأهلي لكن للأسف لم تتخذ تلك المؤسسات الممولة من قبل الدولة على لعب دور ايجابي بهذا الصدد لغياب الخطط والرؤية الموضوعية للأحداث والمشهد العام ونحن في هذه المناسبة نكرر دعواتنا بضرورة تعميق جسور التواصل مع العاملين في الحقل الإعلامي وإشراكهم في ندواتنا وحواراتنا ونسعى لكسبهم ونتوقفف عن لغة التخوين المباشرة او المبطنة نتوقف عن السخرية التي باتت لا تليق برؤيتنا التجديدية والتنويرية نحن نعي حجم التدهور والتراجع الذي أصاب اغلب مفاصل المعرفة والثقافة العراقية والتحدي الأكبر هو كيفية تبني مشاريع تنهض بمؤسساتنا الإعلامية وخطاب يرتقي بتوجهاتنا المدنية و الإنسانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ألقيت في فعالية المجلس العراقي للسلم والتضامن اخيراً بمناسبة اليوم العالمي للسلام