المنبرالحر

الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر / ابراهيم المشهداني

كان الفقر وما يزال قضية رأي عام شغلت بال ليس فقط الطبقات الفقيرة وهي المتضررة بشكل خاص من السياسات الحكومية المبتذلة على مدي اجيال بل قرون ولكن أيضا من الحكومات التي حاولت بشتى الوسائل الهاء الناس من خلال ادخال البلاد في دوامة من المشاكل وأكثرها خطرا الحروب مع دول الجوار ناهيك عن الحروب الداخلية التي استنزفت الموارد البشرية والمادية ، ما ادت الى زيادة فجوة الفقر . وانطلاقا من هذه القضية الضاغطة فقد اصدر مجلس الوزراء في اجتماعه في تشرين الثاني من عام 2011 قراره المرقم 409 بتشكيل لجنة عليا في وزارة التخطيط تتمثل فيها كافة الوزارات وحكومة اقليم كردستان ، لوضع استراتيجية التخفيف من الفقر وخفض نسبة الفقر من 23 بالمئة الى 16 بالمئة خلال الفترة 2010 2014 .
لقد بينت الوثائق التي اعتمدتها اللجنة كمعطيات اولية لرسم استراتيجيتها ، ان معدل نسبة الفقر في العراق 23 بالمئة تشمل الحضر والريف وكانت نسبة الفقر في الريف 39,3 بالمئة ، اما في المدينة فكانت النسبة 16,1 بالمئة وان فجوة الفقر كانت 4.5 بالمئة ، وهذه النسب تتفاوت بين محافظة وأخرى ورأت اللجنة ان تحقيق هذا الهدف يمر من خلال ستة محصلات اساسية وهي دخل اعلى من العمل ،وتحسن المستوى الصحي ،ونشر وتحسن التعليم ،وبيئة سكن افضل ،وحماية اجتماعية ، وتفاوت اقل بين النساء والرجال . ولكن اللجنة لم يفتها ، وهي محقة في ذلك ، التنويه الى ان هذه الاستراتيجية تواجه تحديات حقيقية ينبغي معالجتها من خلال ضمان الامن والاستقرار ، وتحقيق الحكم الرشيد ، وعدالة في توزيع الدخل ، وتنويع مصادر النمو والتخفيف من الآثار السلبية للإصلاح الاقتصادي على الفقراء وكانت تقصد بالإصلاح الاقتصادي وقتها ما يتعلق بالضجيج حول الانتقال الى اقتصاد السوق والتسريع في اعادة هيكلة الشركات الصناعية وما الى ذلك من محاكمات غير واقعية لمعالجة الامراض الاقتصادية المتفاقمة التي لا تكمن اسبابها في وجود القطاع الحكومي ، بل في السياسات الحكومية المتهورة في هذا الميدان ، ليس فقط في ظل النظام السابق بل وبعد سقوط ذلك النظام .
وبعد ، هل حققت هذه الاستراتيجية اهدافها ؟ ، وما هي التحديات التي اعاقت التنفيذ ؟ اعلنت وزارة التخطيط اكثر من مرة ان نسبة الفقر قد انخفضت الى 19 بالمئة وعلاوة على ان الخطة لم تحقق اهدافها ونحن في العتبة الاخيرة من عام 2014 ، السنة الاخيرة للخطة ، إلا ان هذه النسبة ذاتها تفتقر الى الدقة لان التحديات التي اشارت لها الخطة اصبحت اشد وطأة مما كانت عليها الحال عند اعلان الخطة ولان الجهات المكلفة بتنفيذ الخطة لم تفشل في دورها في هذه الاستراتيجية فقط بل فشلت ايضا في النهوض بمهماتها المحكومة بالخطة التنموية للأعوام 2010 2014 ولان كل الخطط والاستراتيجيات لم تصدر بها قوانين ملزمة من قبل مجلس النواب . ولأجل التخفيف الجاد من ظاهرة الفقر في العراق نقترح ما يلي :
1. مع مراعاة الظروف الصعبة التي يمر بها العراق في الظرف الراهن وما يتطلب التركيز في الانفاق على مستلزمات الحرب إلا ان هذا الهدف لا يلغي الاهداف الاجتماعية الاخرى وبضمتها التخفيف من ضائقة الفقر الامر الذي يتعين اعادة النظر بالاستراتيجية وربطها بالإستراتيجية التنموية للفترة 2014 2017 وعرضهما على البرلمان واستصدار تشريع قانون بهما لتكونا ملزمتين بالتنفيذ .
2. ضرورة اتخاذ اصلاحات ذات طابع سريع سياسة اطفاء الحرائق من خلال التوجه للقيام باجراءات وخطوات ذات مردود سريع يشعر المواطن باستجابة الحكومة لمطالبه ويطمئنه بجدية مشروعها الاصلاحي .
3. تحقيق توزيع اكثر عدلا للثروة والدخل والعناية بالفئات الاجتماعية الاكثر فقرا والأكثر تضررا وان يشمل الاصلاح الاطر والتشريعات والآليات المنظمة للنشاط الاقتصادي في الجوانب السياسية والحقوقية والإدارية والمالية ، والتعجيل بتشريع قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي من اجل تنظيم سوق العمل ومعالجة ظاهرة البطالة .على طريق تحسين ظروف معيشة العوائل الفقيرة .
4. اتخاذ اجراءات ملموسة في مكافحة الفساد ، وتحطيم اعمدته الرئيسية ، والاعتماد على المنظومات الاجتماعية في مكافحته من منظمات مجتمع مدني ونقابات واتحادات طلابية وشبابية وعمالية وفلاحيه ونسوية ، وتشديد الدور الرقابي للجماهير ، والإصغاء بجدية الى مطالبها ، والمعلومات التي تعكسها وسائل الاعلام على اختلافها .