المنبرالحر

ماذا بعد استكمال الكابينة الوزارية؟ / محمد عبد الرحمن

اخيرا تم استكمال تشكيلة الوزارة الجديدة ، واستلم الوزراء الكردستانيون مقاعدهم الوزارية ، وتمت تسمية وزيري الدفاع والداخلية ، وشكل ذلك خطوة اخرى الى امام كي تتفرغ الحكومة بكامل طاقهما للمهام المتعددة التي تنتظرها في ظروف استثنائية بكل المقاييس .
فالحكومة الجديدة ورثت عن سابقتها ملفات عديدة عالقة وشائكة، ورطتنا فيها بسبب سوء ادارتها ، وهي جميعا تتطلب العلاج وبعضها لا يقبل الانتظار ، فيما تبقى اكثر من 40 في المائة من اراضينا مغتصبة من قبل التنظيم الارهابي. فضلا عن عدم اقرار موازنة 2014 ، التي لم يبق منها سوى ارقام مجردة يراد لمجلس النواب الجديد المصادقة عليها ، ومعرفة مجالات صرف اكثر من 100 مليار دولار، هي عائداتنا من النفط لسنة 2014 ، في وقت يتحدث فيه وزير المالية الجديد عن خواء الموازنة وسوء الادارة السابقة لها.
ومع مباشرة الوزيرين الامنيين مهامهما واعلانهما عن توجهاتهما ، مركزين عن حق على محاربة الفساد في وزارتيهما ، نكون قد ابعدنا احد الاسباب التي يشار اليها عادة عند الحديث عن الملف الامني المتدهور ، وحيث يقضم داعش المزيد من الاراضي في الانبار ، فيما تحرز نجاحات ضده في صلاح الدين وديالى والموصل وشمال بابل .
فالملف الامني لا بد ان تكون له الاولوية عند الحكومة ، ولا بد ان ينظر اليه بشمولية. ذلك ان اي خرق في اية مدينة او محافظة يشكل انتكاسة لكل الملف الامني. مثلما النجاح في اية بقعة عراقية يسجل له ، وللقائمين عليه والمسؤولين عنه . هذا الملف له متفرعاته العديدة ، واذ تكبر القناعة ان لا نجاح فيه مع وجود الفاسدين والمرتشين والخاملين والمنتفعين وغير الكفوئين ، والمعادين اساسا للعملية السياسية بابعادها الديمقراطية ، فان العلاج لا بد ان يسير في خطوط متوازية لتغطية كافة المتطلبات ذات العلاقة ، وسد النواقص والثغرات العديدة التي بانت بجلاء بعد الانتكاسة السياسية والامنية في حزيران الفائت. وفي المقدمة يأتي حسن اختيار المسؤولين والقادة الميدانيين ، لما لهم من دور كبير مؤثر وحاسم في اللحظات الحرجة ، كما حصل في الموصل وغيرها من المناطق .
ويبقى مهما في هذا الشأن ان يراعى عامل الوقت ، فهو كالسيف كما يقال ، والبلد ليس في اوضاعه الطبيعية وهو يواجه التحدي كل يوم. فاي ابطاء او تردد يترجم حالا الى خسائر على الارض ، خسائر بشرية ومادية. والامل ان يكون هذا هو هاجس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة والوزيرين الجديدين .
ويحتاج الملف الامني الى تضبيط كل الروافد ذات العلاقة ، ومنها ما له صلة بالحشد الشعبي وبابعاد العناصر التي تسللت واساءت اليه ، مثلما جرى الحديث عن ذلك اخيرا من قبل رئيس الوزراء. كذلك تفعيل مسالة الحرس الوطني ، واعادة هيكلة الجيش ، وفتح باب التطوع من جديد لسد النقص الذي حصل فيه بعد احتلال داعش للموصل ، وإبعاد الاسماء الوهمية وما بات يعرف بـ « الفضائيين « .
ان الامن والاستقرار يبقيان الهاجس الاساس ، وبدونهما يصعب التفكير بنجاحات في المجالات الاخرى ، التي هي الاخرى بحاجة ماسة الى تفعيل ما يخصها في برنامج الحكومة وورقة الاتفاق السياسي. ويبقى من المهم الاشارة الى اهمية الاصلاح السياسي ، واتخاذ القرارات الجريئة لمعافاة الوضع ، والتخلص نهائيا من سياسة التهميش والاقصاء والتفرد واثارها التي ابتلينا بها .