المنبرالحر

صندوق النقد الدولي وتراجع نمو الاقتصاد العراقي / عادل عبد الزهرة شبيب

في أحدث تقرير له نشر بتاريخ الثامن من تشرين الاول 2014 عن العراق ،أشار صندوق النقد الدولي الى أن الاقتصاد العراقي سيتعرض للانكماش هذا العام نتيجة العنف الدائر في البلاد ،متوقعا ان لا يزيد معدل نمو الاقتصاد العراقي الاجمالي للناتج المحلي هذا العام عن (2،7) بالمئة بينما كان توقعه في نيسان الماضي بأن تصل نسبة النمو الى (5،9 ) بالمئة، الامر الذي سجل تراجعا ملحوظا وانكماشا في الاقتصاد العراقي حسب الصندوق.

ومن أسباب هذا التراجع:
1- التأثير السلبي للمعارك الدائرة في شمال العراق على العائدات غير النفطية،وكذلك تأثيرها على صادرات النفط العراقي الى الاسواق العالمية.
2- وقف التوسع في انتاج النفط العراقي بسبب الصراع مع (داعش) وخاصة في المنطقة الشمالية.
3- استمرار العمليات العسكرية تؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي ويكبح الاستثمارات ويضعف ثقة المستثمرين .
4- الفساد المالي المستشري في دوائر الدولة والمشاكل السياسية والتناحرات بين الكتل وتبادل الاتهامات وعدم التنسيق بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان ساهمت في تراجع الاقتصاد العراقي من ناحية الاستثمار وتنفيذ المشاريع.
5- توقف المعامل عن مزاولة نشاطها الاقتصادي وقلة فرص العمل وتحول البلاد الى بلد مستهلك يستورد كل شيء من الخارج بدلا من تصنيعه،وهذا ادى الى ارتفاع مستويات البطالة الى اعلى درجاتها.
6- غياب الخطط الاستراتيجية للقضاء على البطالة وتقليل نسبة الفقر.وقد أشار تقرير دولي الى ان العراق قد حل في المرتبة التاسعة عالميا والثالثة عربيا في اعلى مستوى للبطالة.
7- تهميش القطاع الخاص العراقي وعدم توظيف امكانياته في خدمة الاقتصاد العراقي .
واذا اردنا الحديث عن معنى النمو الاقتصادي فهو عبارة عن عملية تتم فيها زيادة الدخل الحقيقي زيادة تراكمية ومستمرة عبر فترة ممتدة من الزمن (ربع قرن) بحيث تكون هذه الزيادة اكبر من معدل نمو السكان مع توفير الخدمات الانتاجية والاجتماعية. ويعرف ايضا بأنه الزيادة في كمية السلع والخدمات التي ينتجها اقتصاد معين في فترة زمنية معينة...وعلى هذا الاساس لا يمكن الحديث عن وجود نمو اقتصادي في العراق دون تحقيق نمو في المؤشرات الاقتصادية الاجمالية والقطاعية للاقتصاد مع زيادة في حجم الاستثمار بهدف رفع وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين، ويعتبر الناتج المحلي الاجمالي احد المؤشرات المهمة حيث انه يعبر عن كفاءة الاداء الاقتصادي للبلاد وعن تطور الدخل الوطني الذي سينعكس على تحسن دخل الفرد وتحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية له. وان ما تحقق من نمو في الاقتصاد العراقي ناجم عن زيادة انتاج النفط والذي ادى الى زيادة العوائد المالية ولم يأت هذا النمو من عوامل داخلية ترتبط بزيادة اسهام قطاعات الانتاج غير النفطية في الناتج المحلي الاجمالي كما ان هذا النمو يفتقر الى الاستدامة.
فما زال الاقتصاد العراقي اقتصاداً وحيد الجانب يعتمد كليا على تصدير النفط الخام والحصول على عوائد مالية لا تستثمر في اقامة المشاريع الاستراتيجية الكبرى او في اقامة الصناعات النفطية والمشاريع الصناعية والزراعية وتوفير الخدمات .وفي ظل هذا الوضع المتخلف لاقتصادنا الوطني فقد ربط العراق نفسه باتفاقية مع صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية تتضمن الالغاء التدريجي للدعم السعري في الاقتصاد العراقي ابتداء من الوقود والمشتقات النفطية وقد تشمل سلعاً اخرى.
والمعروف ان صندوق النقد الدولي يعتمد على مبدأ القرض القابل للتجديد لامكانية تدوير رأسماله وان نشاطه يقتصر على اعطاء القروض القصيرة الاجل والمتوسطة لغاية خمس سنوات لمساعدة البلدان في التغلب على العجز في موازين المدفوعات مقابل فرضه لشروط معينة على البلدان الطالبة للقروض. ومن اهداف الصندوق تقليص دور الدولة في الاقتصاد والاتجاه نحو آليات السوق واعادة هيكلة القطاع العام للبلد المعني وخصخصة المنشآت والمشاريع العامة ،كما يشترط الصندوق تخفيض الانفاق الحكومي وزيادة الضرائب والرسوم على المؤسسات الخدمية العامة وقد كبل العراق نفسه بهذه الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي حيث ينتظر الصندوق من العراق تطبيق وصفته الجاهزة وقيامه بالاصلاحات الاقتصادية .
وعل الرغم من مرور اكثر من عشر سنوات على سقوط النظام المقبور الا ان اقتصادنا مازال متراجعا ولم تتجه الدولة الى تنويع مصادر الدخل، في الوقت الذي تنعدم فيه الصادرات غير النفطية وتزايد نسبة الاستيرادات في ظل غياب الرؤى والستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في مجال التنمية والمجال المالي، وبالاضعاف القسري لدور الدولة خاصة في الميدان الاقتصادي الى جانب تدهور امكانات وقدرات القطاع الخاص الانتاجي في بيئة امنية متدهورة وغير مستقرة، وما زال الوضع الامني متدهورا والفساد قائما واللذان يشكلان عائقا جدياً امام تحقيق النمو الاقتصادي.