المنبرالحر

تداعيات أزمة الموصل و متطلبات النصر على داعش / د.عودت ناجي الحمداني

يتفق المحللون وخبراء الامن و دوائر الاستخبارات الامريكية والاجنبية على ان العراق يمر بمرحلة خطرة تهدد مصيره, ويعيش في حالة من التدهور المستمر .ان تقهقر قوات الجيش امام عصابات داعش الارهابية واستيلاء داعش على الموصل وتمددها نحو صلاح الدين والانبار وبعض الماطق الاخرى شكل انتكاسة كبيرة وسابقة خطيرة في تاريخ الجيش العراقي المعروف بشجاعته وبسالته, كما شكل صدمة قوية واحباطا شديدا لكل عراقي غيور على بلده . ان هذا التدهور والتراجع المشين للقوات العسكرية دليل لا يقبل الشك على فشل المؤسسة العسكرية ونظام المحاصصة الطائفية في ادارة الدولة والملف الامني بشكل خاص .
وقد تنبه الحزب الشيوعي العراقي منذ وقت مبكر الى هذه الاوضاع واشار في صحافته وفي بياناته من ان بقاء الاوضاع على حالها دون معالجات جدية وسريعة سوف تخرج الامور عن السيطرة وتحل الكارثة. وفي مناسبات اخرى اشار الحزب الى المخاطر المتوقعة التي تنتظر البلد,واكد ان عدم التصدي للازمات المستفحلة سوف يجعل العراق مفتوحا على شتى الاحتمالات.
و قد طرح الحزب رؤية متكاملة لاخراج البلد من نفق الازمات العميقة التي انهكت العراقيين. فنظام المحاصصة الذي يرفضه الاسلام السياسي في العلن ويصر على الالتزام به في السر هو سبب البلاء والوباء وهو المولد للازمات الدورية التي يعيشها العراق.
ولم يكن سقوط الموصل مفاجا للمتابعين في الشان العراقي, فالقوى الارهابية تفرض هيمنتها على الموصل منذ عام 2006 والدولة وسلطتها لا وجود لها الا اسما وشكلا. وعناصرالقاعدة تفرض الضرائب والاتاوات على الشركات والمحلات التجارية وعلى التجار والمقاولين وعلى بعض العسكريين وبعض موظفي الدولة،وتمارس الاختطاف والقتل والاعتقال وتعمل ما تشاء دون رادع في ظل غياب سلطة الدولة،
ولهذا ختارت داعش الموصل مركزا لعملياتها الارهبية لأعتبارات كثيرة ومنها ان الموصل من المناطق الساخطة على السلطة في بغداد وتتمتع ببيئة اجتماعية محافظة.

بيئة الموصل

توصف البيئة الاجتماعية للموصل قبل ان تسقط بيد داعش بانها بيئة دينية وقومية محافظة, و تتميز تاريخيا بانها مدينة للتآخي وتعايش المكونات العراقية من مختلف الاديان والمذاهب والقوميات. وبعد سقوط النظام الصدامي في عام 2003 اصبحت الموصل مرتعا خصبا لنشاط العصابات الاجرامية من القاعدة والقوى الارهابية الاخرى كجيش النقشبندية الذراع الايمن لحزب البعث العفلقي والجيش الاسلامي وجيش المجاهدين وانصار السنة وغيرهم. وبالاضافة الى ذلك تحتضن الموصل اعدادا كبيرة من عناصر النظام المقبور من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والاجهزة المخابراتية واغلب هؤلاء الضباط يعادون العملية السياسية سواء لاسباب عقائدية او طائفية او بسبب فقدانهم لوظائفهم. ويضاف الى ذلك اعداد كبيرة من الناس الساخطين على الحكومة المركزية. وبسبب محاذاة الموصل مع سوريا فانها تتاثر بشكل مباشر بالاوضاع القائمة في سوريا،كما ان حدود الموصل شبه مفتوحة مع سوريا وهي حدود غير مؤمنة بصورة جيدة من الناحية العسكرية،مما جعل الموصل منطقة عبور لتسلل داعش والقاعدة وحصولها على حاضنات حليفة او مساندة لها من قوى الارهاب المحلية.
ان سيطرة داعش على الموصل بهذة الصورة الدراماتيكية وتمددها بسرعة فائقة الى تكريت و الانبار مقابل تراجع غير منظم لقوات الجيش يؤكد حقيقة فشل المنظومة الامنية التي بنيت على الولاءات الطائفية والقومية وعدم ولائها للوطن.

الخلفية الفكرية لداعش

ان ايديولوجية داعش كمنظمة ظلامية بربرية خليط من الفكر الوهابي والتراث الجاهلي وهما وجهان لعملة واحدة،وكل منهما يفسر الاسلام على اهوائه وآرائه في التفكير والتشريع وفي تكفير الاخرين الذين يخالفونه في الرأي والفكر والعقيدة.
وعصابة داعش في الواقع حركة همجية متعطشة لسفك الدماء وتمثل نموذجا دمويا للمغول والتتر وهولاكو, فما ان يدخل المغول مدينة او منطقة حتى يقوم بابادة جماعية لسكانها ويصادر اموالهم وممتلكاتهم ويغتصب النساء ويجبر الجميع على الاستسلام وعلى مبايعته. ووفقا لشريعة داعش الاجرامية فان كل انسان لا يبايعها وينضم تحت لوائها يصبح في حكم المرتد عن الشريعة الاسلامية ويستحق الموت بأبشع صورة. ومن الاجندة المعلنة لعصابات داعش هو سعيها لاقامة الخلافة الاسلامية التي هي في الواقع العملي عبارة عن نظام مستبد يقوم على نشر الجهل والتخلف وقطع الرؤوس و الايدي واستباحة النساء ومحاربة العلم و الحضارة وتحريم التعايش بين الاديان والقوميات واجبار الناس على التخلي عن معتقداتهم واديانهم وفرض القوانين التي لا يقبلها العقل ولا المنطق ولا الاديان السماوية. كنكاح الجهاد وختان النساء والحجاب الافغاني وتهجير الاقليات من غير المسلمين واجبار المسلمين على مبايعتها وتفجير مراقد الانبياء والكنائس والجوامع في محاولة لخلق بنية فكرية واجتماعية جديدة تتماشى مع عقيدتها المتوحشة ومع قيم الجهل والتخلف التي تدور في فلكها.
أن فلسفة داعش تقوم على معتقدات سلفية وهابية وعلى حشد كبير من الفتاوي التكفيرية التي تؤيد قتل الأسرى وسبي النساء وفرض الجزية وأخذ الغنائم. فقد اعتمدت عصابة داعش على فقه الوهابية باختيارها آية السيف وحديث الفرقة الناجية. وهناك ترابط وثيق بين الوهابية السعودية وفكر داعش, ويتضح ذلك من قيام داعش بتدريس الكتب والمناهج الدراسية السعودية في المناطق التي تسيطرعليها في الموصل وفي بعض مناطق سوريا .
وعليه حتى لو فرضنا ان أيديولوجيا داعش من صُلب الإسلام وانعكاسا لتاريخه القديم فانها لم تعد صالحة في العصر الحديث وفي زمن العولمة وحقوق الإنسان والحريات والدولة الحديثة، وحقيقة الأمر أن النموذج الذي تقدمه داعش لا يختلف كثيرا عما تقدمه الحركات الارهابية الاخرى كالقاعدة والنصرة، وأنصار بيت المقدس، وأنصار الشريعة. أن فقهاء داعش ينتقون من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ما يدعم بنيتهم الفكرية ويتجاهلون عشرات الآيات التي تدعو الى التسامح والمجادلة بالتي هي أحسن.
ومن بين الاهداف المعلنة لداعش هي اسقاط الانظمة القائمة واقامة ما يسمى بنظام الخلافة الاسلامية بدعم تركي وقطري مفضوح. وقد اعلن زعيم عصابة داعش ابو بكر البغدادي ان هدف خلافته الاسلامية هو ازالة الحدود بين الدول العربية وقد اعلن في احدى خطبه ان العراق ليس للعراقيين وسوريا ليست للسوريين. لان العراق وسوريا اراضي اسلامية وستكون للمسلمين فقط. و المسلمين من وجهة نظره هم السفاحون والمأجورون والارهابون وآكلو لحوم البشر من المتخلفين فكريا والمحبطين نفسيا واجتماعيا الذين يأتون من كل العالم لاشباع شهوتهم في القتل والنهب والاغتصاب و تدمير البلدان واحتلالها. وبهذه الاساليب الدموية فرضت داعش سلطتها وجعلت الموصل مركزا لادارة عملياتها الارهابية.
وعليه فان داعش في الواقع ليست كما يتصورها البعض عصابة معزولة ويمكن محاصرتها والقضاء عليها بسهولة. فقد اثبتت الوقائع ان داعش تنظيم ارهابي دولي يمول دوليا واقليميا بالمال والسلاح والمقاتلين لتنفيذ اجندات دولية واقليمية بهدف ترتيب اوضاع المنطقة العربية بما يخدم الاهداف والمصالح الخارجية. ان داعش تتمتع بقدرات بمستوى قدرات دولة،من تخطيط وتمويل وتجنيد واعلام وقوة عسكرية وعقيدة قتالية بربرية.

اسباب تراجع القوات العسكرية

يمكن تلخيص الهزيمة المذلة للقوات العسكرية المرابطة في الموصل امام عصابات داعش وترك اسلحتها بصنوفها المختلفة وعتادها لاسباب وعوامل محلية وخارجية كثيرة واهمها:
1- الاسباب المحلية وتتلخص في: عزلة النظام السياسي على الصعيدين العربي والاقليمي بسبب اتهامه بكونه نظاما سياسيا يتبنى المحاصصة الطائفية وتحكمه الاغلبية الشيعية المعبر عنها بالائتلاف الشيعي مما ولد العداء للنظام من اغلبية الانظمة العربية والاقليمية. وجرى استغلال هذا الوضع من قبل الدول الاقليمية للضغط على الحكومة العراقية المهزوزة اصلا لتعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي في العراق. كما ان فشل الدولة في بناء جيش مهني مسلح بعقيدة الولاء والانتماء للوطن ادى الى خلق تشكيلات ووحدات عسكرية ذات ولاءات طائفية وقومية مقيتة واضعف وحدة الجيش وقدرته على القتال والدفاع عن الوطن. وان عدم وجود هيئة اركان مهنية للقوات المسلحة ادى الى تفرد رئيس الوزراء السابق بقيادة القوات المسلحة بكافة وزاراتها وهيئاتها وهو ما يتناقض كليا مع ابسط مباديء العلوم العسكرية التي تتطلب الكفاءة والمهنية والتخصص في القيادة والتخطيط. بالاضافة الى اندساس قيادات بعثية في المراكز العليا للقوات المسلحة التي تهدف الى تخريب العملية السياسية،ومن غير المستبعد ان تتعاون مع القوى الارهابية وتعمل على تسريب الاسرار العسكرية للمنظمات الارهابية. و الى جانب ذلك فان منح العديد من الرتب العسكرية العالية الى عدد كبير من العناصر التي تفتقر الى معايير الكفاءة المهنية ادى الى خلق قيادات ميدانية غير مؤهلة عسكريا وسياسيا في مجابهة القوى الارهابية. وان نقص المعدات العسكرية المتطورة وخصوصا سلاح الجو باعتباره احد العوامل الحاسمة في المعركة قد اضعف القدرة العسكرية على القتال .
2- الاسباب الخارجية: وتتلخص في محاولة الاطاحة بنظام الحكم في العراق وهو احد اهدف جهد اقليمي - دولي يهدف الى اخونة الانظمة العربية لخدمة مصالح دول بعينها و ضمان امن اسرائيل. وتتضح معالم هذا المشروع من التدخل الامريكي والقطري والتركي وغيره الفظ في شؤون مصر وسوريا تدخلا مباشرا لدعم الاحزاب الاخوانية الحليفة للقاعدة. والهدف الاساسي لبعض دول الخليج وبعض دول المنطقة من تمويل داعش والقاعدة في العراق بالمال والسلاح هو محاولة جادة لابقاء العراق في دوامة من العنف والقتل والصراعات, وفي سبيل ابقائه دولة فاشلة بلا اقتصاد ولا تنمية حتى لا يكون منافسا قويا في اسواق النفط العالمية وحتى يبقى سوقا رائجة لتصريف البضائع الاجنبية. والى جانب ذلك هناك بعض القوى المحلية التي تتناغم مع مشاريع القوى الارهابية كبعض شيوخ العشائر في الانبار وعدد من المشاركين في مؤتمر عمان ومؤتمر الضباط البعثيين الذي عقد بعد احداث الموصل. كما ان الادارة الامريكية غير جادة في الوفاء بتعهداتها مع الحكومة العراقية وفقا للمعاهدة المعقودة بين الطرفين التي تفرض التزاما على الولايات المتحدة الامريكية في الدفاع عن العراق عند تعرضه للخطر والتهديد والتعامل انطلاقا من مصالحها واولوياتها السياسية. فقد استولت داعش على الموصل وتمددت في صلاح الدين والرمادي وفي مناطق شمال بابل واقتربت من بغداد والادارة الامريكية تنتظر جمع المعلومات وتحديد الاهداف. حتى ان التحالف الدولي الذي انشأته امريكا وضرباته الجوية لم يقدم دعما مؤثرا واضحا لحد الآن ..
ونستنتج من ذلك ان الهدف الرئيسي من الدعم المتعدد الاوجه للارهاب في العراق هو اجهاض العملية السياسية واعادة العراق الى ما قبل عام 2003. اي اعادة نظام البعث الصدامي الى الحكم باعتباره حليفا استيراتيجيا للانظمة و القوى الرجعية في المطقة.
تداعيات الازمة :
خلقت ازمة الموصل تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية متداخلة اثرت بشكل مباشر في زيادة حدة التأزم الذي يعيشه العراق ومن التداعيات الابرز ما يلي:
اولا-: التداعيات السياسية: شكل سقوط الموصل والمدن الاخرى والهزيمة المخجلة التي لحقت بالجيش احراجا سياسيا كبيرا للحكومة العراقية على الصعيدين المحلي والدولي. وذلك لسببين الاول: فشل الحكومة في حماية البلد من الاعداء الخارجيين والمحليين. والثاني: ان الجيش الذي انفقت الدولة على اعادة بنائه عشرات المليارات من الدولارات انهار امام عصابة حقيرة قبل بدء المعركة. وقد ادى انكسار الجيش والقوات الامنية الاخرى الى تعميق الازمة السياسية الملتهبة اصلا في البلد وخلق مازقا سياسيا حادا للمالكي مما عجل بازاحة المالكي عن الولاية الثالثة.وقد سيطرت داعش على اكثر من 40بالمئة من مساحة الاراضي العراقية التي يسكنها نحو خمسة ملايين عراقي واصبحت خارج سيطرة الدولة وتتحكم في مصيرها العصابات الاجرامية.
ثانيا: التداعيات الاقتصادية: للتداعيات الاقتصادية تاثيرات كثيرة ليس فقط على مناطق الموصل والمدن المغتصبة الاخرى وانما على صعيد العراق. فقد استولت داعش على اكثر من خمسة عشر بئرا نفطيا من بينها اربعة ابار نفطية منتجه تقوم باستثمارها في تمويل عملياتها العسكرية والسياسية والاعلامية،ويقدر ما تحققه داعش من مبيعات النفط باكثر من مليون دولار في اليوم .وجرى الاستيلاء على 430 مليون دولار في فرع البنك المركزي العراقي في الموصل وعلى اكثر من 12,5 مليار دينار عراقي من المصارف الاخرى التي وقعت في قبضتها. ووفقا لمصادر الحكومة العراقية فان خسائر الجيش من الاسلحة والعتاد والمعدات العسكرية التي استولت عليها داعش تقدر بنحو 20 مليار دولار. اضافة الى الخسائر البشرية والمادية الاخرى. وقد ادى التهديد الذي خلقته داعش في المناطق الغربية والشمالية الى هروب الشركات الاستثمارية وشركات التنقيب عن النفط وبعض البنوك الاجنبية من منطقة اربيل .و تاثرت سياحة الاقليم وخصوصا منطقة اربيل بشكل سلبي وذلك بتناقص عدد السياح المحليين والاجانب وادى ذلك الى تقليص حجم الواردات المالية التي يحققها قطاع السياحة في الاقليم. واصيبت حركة التجارة بين العراق وتركيا بالشلل فتوقف الصادرات التركية الى العراق والمقدرة باكثر من 10,5 مليار دولار في السنة. ومثلها الصادرات الاردنية المقدرة بنحو 100 مليون دولار شهريا. ونتيجة لغياب سلطة الدولة قامت داعش بمصادرة بيوت وممتلكات الناس ونهب مدخراتهم المالية والمادية في المناطق التي فرضت فيها سلطتها .
ثالثا التداعيات الاجتماعية. فقد تركت الاعمال والسلوكيات التي قامت وتقوم بها داعش ذعرا ورعبا بين كافة المكونات فاعلنت نكاح الجهاد و ختان النساء والحجاب الافغاني ونظام المحرم وغير ذلك من القوانين التي تعيد عصر العبودية واذلال المراة. وتسعى داعش باعمالها الاجرامية الى اذلال الناس واستعبادهم واخضاعهم لارادتها ومشيئتها. وتعرضت الاقليات غير المسلمة الى ابادة جماعية فبلغ عدد الايزيديين الذين تعرضو للابادة اكثر من 420 شخص وشمل التهجير الطوائف المسلمة وغير المسلمة. ويقدر عدد المهجرين والنازحين من المكونات المختلفة باكثر من مليونين ونصف المليون نسمة. وقد عملت داعش على اعادة نظام الرق الذي سحقته الحضارة الانسانية وفتحت اسواقا لبيع النساء العراقيات في الموصل .وقامت بحملات منظمة للاعتداء على المعتقدات والرموز الدينية للمكونات المسلمة وغير المسلمة عبر تفجير وتدمير المراقد الدينية والكنائس والمعابد والحسينيات ونبش القبور وغير ذلك من الاعمال الهمجية. وبذلك قضت على أي شكل من اشكال حرية وحقوق الانسان في المناطق التي تخضع لسيطرتها.

كيفية دحر داعش وتحقيق النصر

ان دحر القوى الارهابية وتحرير الموصل و بقية المدن العراقية الواقعة تحت سيطرة الارهابين واعادة سلطة الدولة وفرض النظام يتطلب صياغة استيراتجية وطنية تتضمن جانبين, سياسي وعسكري.
في الجانب السياسي: ان اخراج العراق من ازماته العميقة ووضعه على طريق التطور والتقدم المنشود وضمان الامن والاستقرار الدائم لا يتحقق بالشعارات والمهاترات الطائفية والمتاجرة بالوطنية من اجل المال والجاه والمناصب وانما ببناء دولة مدنية على اساس المواطنة التي تضمن للجميع الحقوق المتساوية. فالدولة المدنية هي دولة العدالة الاجتماعية التي يتمتع بها كل عراقي بحقوقه الكاملة بغض النظر عن الدين والمذهب والقومية واللون والشكل.
وفي المدى المنظور يتطلب:

1- نبذ أي شكل من اشكال الطائفية على مستوى الدولة واشاعة روح التسامح والتاخي بين المكونات المختلفة .
2- تحقيق الاجماع الوطني والخطاب الوطني الموحد في مجابهة داعش والقوى الارهابية الضالعة في فلكها.
3- توسيع الحريات السياسية والمدنية وتعزيز الديمقراطية واشاعة اجواء الاطمئنان والكف عن المداهمات التي لا مبرر لها .
4- عقد مؤتمر وطني تشارك فيه الاحزاب والقوى الوطنية الفاعلة في العملية السياسية لرسم خارطة طريق محددة بسقف زمني محدد والزام الحكومة بتنفيذها لاخراج البلد من ازماته المتفاقمة.
5- تعزيز مبدأ المصالحة الوطنية مع القوى والاحزاب العراقية المعارضة التي تنبذ وتدين الارهاب.
6- تنفيذ المطالب المشروعة التي تطرحها بعض القوى العراقية خصوصا في المناطق الغربية والتي اقرت الحكومة بشرعيتها.
7-اطلاق سراح المعتقلين غير المتورطين باعمال الارهاب واعادة الاعتبار لهم واعادتهم الى وظائفهم .
8- تنشيط الدبلوماسية العراقية والانفتاح على العالم واقامة افضل العلاقات المتكافئة مع مختلف البلدان لضمان موقفها في دعم العراق في معركته مع الارهاب.

اما في الجانب العسكري فيتطلب :

1- تشكيل هيئة مهنية لقيادة القوات المسلحة وابعاد العناصر الفاسدة من القوات المسلحة, وبناء جيش مهني يقوم على مبدأ العقيدة الوطنية والولاء للوطن .
2- تطبيق مبدأ الخدمة الالزامية في الجيش ليكون بديلا عن عقود التطوع وقطع الطريق امام اقامة جيش ذي نزعة طائفية .
3 - اعداد القادة العسكريين على اساس المهنية والنزاهة والوطنية, واعتماد مبدأ تعدد مصادر تسليح الجيش وتزويده بالسلاح والتكنولوجيا المتطورة.
4- تنسيق العمل العسكري والاستخباري بين القوات الاتحادية وقوات اقليم كردستان في محاربة القوى الارهابية وتبادل المعلومات.
5-الانفتاح على العشائر في المناطق الغربية وكسبها لمقاتلة قوى الارهاب في سبيل تحرير مناطقها.
6- تحريم أي شكل من اشكال التشكيلات العسكرية خارج اطار الدولة ومنع المظاهر المسلحة التي تقوم بها بعض التشكيلات الميليشياوية.
وعليه فان المشهد العراقي يلفه الغموض والالتباس فالضربات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي لن تكون في جميع الاحوال الا عاملا مساعدا وعليه فان من متطلبات تحقيق النصر على داعش وغيرها من المنظمات الارهابية وتوفير الامن والاستقرار يكمن في بناء منظومة امنية مهنية بعيدة عن الطائفية تحمي الشعب وتدافع عن الوطن.