المنبرالحر

تكاليف المعيشة في البرنامج الحكومي / ابراهيم المشهداني

تشكل تكاليف المعيشة للعراقيين فقرة مهمة في البرنامج الحكومي الذي صادق عليه مجلس النواب عند اقرار التشكيلة الحكومية الجديدة ، كون تلك التكاليف تمس حياة النسبة الاكبر من العراقيين، ويعتبر التحسن فيها احد المعايير الاقتصادية التي تؤشر الكفاءة في الاداء ومن هنا تتجدد الدعوة الى التأكيد على ايلاء هذه المفردة البرنامجية المزيد من الاهتمام بالرغم مما يعلن عن توجه البلاد الى موازنات تقشفية املتها ظروف الحرب ضد داعش وحلفائها الذين اغتصبوا ثلث الاراضي العراقية.
والحديث عن تكاليف المعيشة يقود الى البحث في العديد من المفردات الاقتصادية المتداولة في التحليلات الاقتصادية التي تؤثر على تكاليف المعيشة ومنها حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي ،ومستوى اسعار السلع والخدمات والتغيرات في الناتج المحلي الاجمالي ، ونسبة النمو في الاقتصاد وسوق العمل الذي يحدد حجم العمالة في الاقتصاد ، وانعكاس ذلك على مستوى الاجور ونسبة النمو السكاني، وما الى ذلك. وهذه كلها متغيرات اقتصادية تسهم بهذا الشكل او ذاك في التأثير على المستوى المعيشي للفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود مما لا مجال هنا للإسهاب فيه .
وتدل المؤشرات المنبثقة عن المسوحات الاحصائية ،ان معدل حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي مقاس بأسعار المستهلك قد انخفضت عام 2009 ست مرات عما كان عليه الحال في عام (2000) بسبب ارتفاع الاسعار بنفس النسبة على الرغم من ان هذا المعدل في عام 2009 كان 129 دولاراً فيما كان المعدل في عام (2000) ، 686 دولاراً إلا ان القيمة الحقيقية في ذلك الوقت اقل مما عليه الحال في عام 2009 وذلك بسبب اجراءات تعويضات الحرب التي كانت 25بالمائة ثم انخفضت بعد سقوط النظام الى 5 بالمائة . وإذا احتكمنا الى ارقام الانتاج النفطي الذي يعتبر اساس احتساب الانتاج المحلي الاجمالي لتوصلنا الى حقيقة ان انتاج النفط عام 2000 كان 2,8 مليون برميل يوميا انخفض الى 1,9عام 2005 وازداد الى 2,4 عام 2009 وعلى الرغم من هذا الانخفاض في العهد الجديد ، إلا ان الانتاج المحلي الاجمالي قد ازداد في عام 2009 بسبب ازدياد اسعار النفط حيث وصل سعر البرميل الواحد في ذلك العام الى 61,1 دولار فيما كان سعره في عام (2000) 27,7 دولاراً وعلى الرغم من هذه الزيادات فان قيمة الدخل الحقيقي للفئات الفقيرة كان متدنيا اذا ما قيس بالطبقة الوسطى الذي تحسن وضعها بسبب الزيادات في الرواتب ويعود ذلك الى عدة اسباب ومن ابرزها الفساد المتفشي في معظم دوائر الدولة وخاصة في البطاقة التموينية مما يقضم الجزء الاكبر من الواردات النفطية بالإضافة الى انتشار البطالة في صفوف الفئات الفقيرة و المهمشة والزيادات الكبيرة في اسعار السلع والخدمات وخاصة اسعار المواد الغذائية والأدوية ومن هنا تتعين مراجعة حقيقية للسياسة الاقتصادية بما يصب لصالح الطبقات الفقيرة والحدود الدنيا من الطبقة المتوسطة من خلال:
- التعجيل في اصدار القوانين الاجتماعية المعطلة في البرلمان كقانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي .
- السعي الجاد من اجل السيطرة على الاسعار في السوق عبر مراقبة تغيراتها والأسباب التي تقف وراء زيادتها وتشديد الرقابة على ممارسات التجار ومحاولاتهم احتكار السلع الغذائية الاساسية، ونرتئي تأسيس مجلس اعلى لرسم السياسات السعرية والرقابة على السوق .
- ربط الزيادات في الرواتب بما فيها الرواتب التقاعدية بمعدلات التضخم وتفعيل دور وزارة التخطيط في مراقبة ظواهر التضخم في الاقتصاد .
- معالجة ظاهرة البطالة وخاصة في صفوف الخريجين وهذا يقتضي من بين امور عديدة تطوير النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص بمجالي الصناعة والزراعة والخدمات ومعالجة معوقات الاستثمار ضمن اطار استرتيجية تنموية مستدامة .
- تحسين اداء البطاقة التموينية ومعالجة الاخفاقات في توفيرها للمواطنين والاهتمام بنوعيتها ، ودعم اسعار الادوية والعقاقير الطبية وتحديد اسعار الكشوفات الطبية في العيادات الخاصة والحد من تضخمها ، وفي ذات الوقت تحسين الخدمات في المستشفيات الحكومية .