المنبرالحر

عندما تنبٌتٌ للتخلف أجنحة / مرتضى عبد الحميد

إذا كان بديهياً القول بأن المرأة نصف المجتمع، وهي التي تلد النصف الآخر وتربيه، وان الجميع يلهج بهذا القول، علمانيين كانوا أم إسلاميين، أم ليبراليين، بل الإمعات كذلك، والجميع أيضا يزعمون بأنهم لا ينادون فقط بأن تأخذ المرأة حقوقها في الحياة والمجتمع، وتتبوأ ما تشاء وما تشفع لها كفاءتها من المناصب والمواقع القيادية ، وإنما سيعملون كل ما في وسعهم، ويبذلون المستحيل ليحولوا هذه الحقوق إلى واقع يسير على قدميه، ويزهو بما حصل عليه.
لكن السؤال: لماذا لا نجد من هذا الواقع الذي يدعون، شيئاً حقيقياً وان كان متواضعا؟ فالحقيقة المرة هي أن المرأة العراقية مازالت مضطهدة ومسلوبة الحقوق من الجهات الأربع، رغم أنها الآن تشكل 25بالمائة من قوام مجلس النواب العتيد، وربما تتولى إدارة بعض المؤسسات أو الدوائر الحكومية، أو تحتل فيها مواقع مؤثرة ظاهرياً. وهنا لا بد من الاعتراف بأن الحقيقة تختبئ في مكان آخر، حيث طوابير النساء المتسولات، والباحثات على لقمة العيش في أكوام النفايات، و وجود أكثر من مليون أرملة، وما يقارب الأربعة ملايين أمية حسب الإحصاءات الرسمية، فضلاً عن المعاناة الرهيبة التي تعرضت وتتعرض لها في أوقات الحروب الداخلية والخارجية، والتعامل معها كسلعة تباع وتشترى، فتجمع ثلاث أو رباع تحت خيمة الرجل مضافاً لهن ما ملكت أيمانه، وبالتالي فإنها مهمتها وواجبها الأساسي، لا يعدو أكثر من تفريخ الأطفال وتسلية الرجل الذي لا يتوانى في أحيان كثيرة ولاتفه الأسباب عن ممارسة العنف ضدها وأهانتها، رغم ادعائه أمام الآخرين بأنه يحترمها، وهي لا تقل شأناً عنه.
أن المقصود هنا بطبيعة الحال هم أولئك المتخلفون الذين تصحرت عقولهم، وغارت إنسانيتهم في كهوف التاريخ المظلمة، فلم يعودوا يهتمون إلا بذواتهم الرخوة، وغرائزهم المستنفرة، الأمر الذي دفعهم إلى تحريم حتى تواجد الرجال والنساء في مكان واحد، بقرارات جائرة ولا حضارية كالتي صدرت بفصل ثلاث كليات عن جامعة بغداد، وتكوين جامعة خاصة بالبنات، بعيداً عن زملائهن، وقد أثار ذلك حفيظتهن، ودفعهن إلى مقاومة هذا الإجراء الغريب ونحن في الألفية الثالثة!
وقبلها كانت هناك قرارات أخرى تقضي بعزل تلاميذ الابتدائيات الذكور عن الإناث في بعض المدارس في بغداد والمحافظات. فأية محنة نعيشها ألان؟ وأي مأزق وضعت نفسها فيه ديمقراطيتنا الوليدة، التي نريد لها المعافاة، والسير في ارض خالية من الألغام، ومن أشواك التخلف القاتلة.
في كتاب مهزلة العقل البشري ، يذكرنا علي الوردي بأن ركود المجتمع وركود الفكر هما فقط لدى البدائيين والبدو.
و يحذر العلامة المرحوم محمد حسين فضل الله من تغييب العقل، ويخلص إلى أننا لا نستطيع أن نواجه العالم من دون عقل إسلامي واع ومتفتح.
أيها السادة:
«لا ينبغي أن تفخروا بأن لكم رؤوساً، فللدبوس كذلك!»