المنبرالحر

المحاصصة والرئيس الصومالي / مرتضى عبد الحميد

لا احد يشذ عن الاقتناع بأن العراق سيء الحظ إلى ابعد الحدود، ومظلوم بشكل لم يعانيه شعب من الشعوب لا قبلاً، ولا لاحقاً، والسبب هو قادته «الأشاوس» الذين تعاقبوا على سدة الحكم فيه منذ مئات السنين، بالإضافة إلى الصراع على موقعه الستراتيجي بأعتباره ملتقى الحضارات، وذكاء شعبه وثوريته التي أقضت مضاجع حكامه على اختلاف مشاربهم وتسمياتهم وإطماعهم.
لكن الفترة الأكثر ظلاماً في تاريخه، وكما يعرف الجميع، هي فترة حكم البعث و «صدام حسين» تحديداً، وما تبعها من احتلال وولادة وليد مسخ ظل ينمو بشراهة، ليصبح غولاً يلتهم كل ما يجده في طريقه، وينيخ بكلكله الثقيل على كل ما يجري في العراق.
إنها المحاصصة المقيتة بأنواعها وتفرعاتها الأخطبوطية، التي لم تترك زاوية من زوايا المجتمع والدولة، إلا وعشعشت فيها، لتفقس بيوضها عن «صيصان» تجري في دمائها هذه اللوثة الفاسدة، لوثة النهب والسلب، وضيق الأفق، وانصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، ناسفة بذلك أحلام غالبية العراقيين في إقامة نظام ديمقراطي حقيقي، يستطيع المواطن من خلاله الشعور بآدميته وكرامته، ويتمتع بقدر معقول من خيرات بلده المنهوبة جهاراً نهاراً من الأجنبي وابن البلد.
ومع كل هذا الخراب، الذي اراد له المتنفذون، أن يقترن بالذل والمهانة لكل عراقي شريف، مخلص لوطنه وشعبه، متناسين قولة الإمام الحسين (ع) هيهات منّا الذلة، وهم الذين يدعون بأنهم سائرون على هداه ونهجه، لكنهم عملياً بعيدون كل البعد عنهما، وبفضلهم غطت سحابة الحزن واليأس العراق من أقصاه إلى أقصاه. وهل هناك ما هو ابلغ، وما هو أكثر قدرة على إشاعة الحزن والألم في نفوس العراقيين، وهم المتخمون بهما، من التصريح الأخير للرئيس الصومالي «الحاج عبد الولي» الذي يحذر فيه من أن بلاده «الصومال» ربما تصبح مثل العراق!!
هل استطابت سمعتنا النوم في الحضيض إلى هذا الحد الذي يرثى له؟ وهل نشفت آخر قطرة من عرق الحياء في جباه المسؤولين عن هذا الواقع المريض؟ إلا يقرأ المسؤولون مثل هذا الكلام المهين؟ الا يرون بأم أعينهم ما يجري في العراق، وما يتعرض له الشعب العراقي بكل أطيافه من العرب والكرد و التركمان والمسيحيين والايزيديين والصابئة وكل أطياف شعبنا الجميلة؟
وأمام هذه المأساة الفريدة من نوعها، هل نكتفي بندب حظنا، وبلطم الصدور وشق الجيوب؟ حاشا للشعب العراقي أن يقبل بذلك!
إذن لنتشبت اولاً بحبل الصبر، وكوة الأمل، التي فتحت بعد تشكيل الحكومة الجديدة، والإجراءات السليمة المتخذة، رغم إنها جزئية لحد ألان، ونعمل على توسيعها، وجعلها قادرة على استيعاب وإنقاذ العراق، كل العراق. وهذا سوف لن يحصل من تلقاء ذاته، وإنما من خلال نهوض الشعب العراقي بحراك مجتمعي واسع ومؤثر، يضع حداً لكل هذه الأمراض الخطيرة، ويشفي العراق شعباً ووطناً منها.