المنبرالحر

«التوازن» وعمود الكهرباء ! / يوسف ابو الفوز

خلال زيارتي الدورية لصديقي الصدوق، أبو سكينة، كانت حزمة الصحف والمجلات التي جلبتها معي ثخينة هذه المرة. الصحافة وبنبرات مختلفة تتحدث عن ما يحيق بالوطن من مخاطر وتحديات. في مقدمتها النشاطات الارهابية للجماعة التي تعمل تحت أسم « الدولة الاسلامية»، والاوضاع الصعبة للنازحين مع اقتراب موسم الشتاء، حيث شهد وطننا خلال الاشهر الماضية أكبر عملية نزوح في تأريخه بسبب الاعمال الارهابية. كان ابو سكينة، يرمقني بحذر، وانا اتجادل بحماس مع جليل عن آخر التطورات في الاوضاع السياسية في بلادنا. كنت مسرورا بالانكسارات والخسائر البشرية والمادية في العديد من المواقع التي تلقاها تنظيم «الدولة الإسلامية» الارهابي، والاخبار عن تحرير بعض المناطق على ايدي قواتنا الامنية وقوات البيشمه ركه، وطرد المجرمين الارهابيين منها. وكنا نتابع بترقب اخبار الاستعدادات الجارية للبدء بعمليات تطهير وتحرير كل المناطق التي اغتصبتها هذه الوحوش التي تنطق زورا باسم الدين . ضمن حديثنا أشرت الى توجهات الحكومة العراقية، وبعض الاجراءات الايجابية التي اقدمت عليها، لاجل بناء القوات المسلحة واعادة الثقة بها، ولمحاربة الفساد على صعيد الفرد والمؤسسة، والتغييرات في هيكل ومنهاج وزارة الداخلية، والاتفاقات الاولية بين بغداد وحكومة اقليم كردستان حول بعض القضايا العالقة المتعلقة بالنفط والموازنة وغيرها. اسميت ذلك «الشتلات الجديدة» في حياتنا السياسية!
قال جليل بأرتياب: وما هو موقف هذه «الشتلات» من الحقوق المشروعة للعمال الذين تظاهروا في العديد من المدن العراقية؟ قلت بكل وضوح ان الحكومة مطالبة بالاستجابة لمطالب العمال المشروعة لأجل أثبات ما تدعو اليه من تغيير في حياة البلاد !
ويبدو أن حرارة حديثنا أسترعت انتباه الآخرين، فاقتربت سكينة منا وقالت لي : كنت دائما تقول ان السبب الاساس لكل مشاكلنا هو المحاصصة الطائفية والاثنية، وهذه الآن صار لها اسم جديد هو «التوازن» ، فهل تعتقد ان هناك تغييراً قادماً؟
سعل ابو سكينة، معلنا عن رغبته في المشاركة بالحديث. نظر لي وهو يرمش بعيونه وقال : زين ممكن تقول لنا، شكد نسبة التفاؤل عندك، في ان تنمو هذه «الشتلات» و تثمر في اجواء لعبة الغميضة و»التوازن»، الذي يذكرني بالمثل الفرنسي عن عمود الكهرباء ؟
وكان أبو سكينة يقصد هنا مثلاً فرنسياً يقول : لا يمكن القفز فوق عمود النور لكن يمكن الالتفاف حوله !