المنبرالحر

مجتمعات التعلم.. البديل الامثل لنظام المدارس / نعمة عبداللطيف

يواجه عراقنا تحديات كثيرة ومتنوعة ومتداخلة بعضها مع بعض، وهي تعكس حالة التخلف والتردي الذي انحدر اليها مجتمعنا، في جميع جوانب حياته، الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية، والصحية والثقافية، وانعدام الخدمات، وفقدان الأمن، والتردي في جميع مجالات الرعاية الانسانية
وانعكس هذا كله على مجالي التربية والتعليم، ونلنا من الاوصاف ما يندى له جبين كل غيور على سمعة وطنه وشعبه، فقد نعتت الامم المتحدة التعليم في العراق بأنه : «أسوأ أداء تعليمي في المنطقة» بسبب وصول مخرجاته النوعية الى مستويات متدنية.
لقد اصاب التردي كل مجالات حياتنا، وهو مرتبط الى حدود بعيدة بالمشروع التربوي التعليمي الذي يعد الانسان العراقي ويطوره ويخلق لديه القدرة والامكانيات لرفعة وطنه ورفاه شعبه، وينقله من مستنقع التخلف بكل قيوده الى واقع التقدم بآفاقه وامكاناته. وهذا لا يتحقق إلا بالتغيير والتحسين والأصلاح الجذري لنظام التربية والتعليم في عراقنا. وهذا يتطلب وقفة جادة والبحث في نوعية الانسان العراقي الذي نريده من النظام التربوي، واكتشاف الجوانب السلبية والايجابية في هذا الاعداد واسبابه، لنضع الأسس ونسير على منهجية علمية تساعدنا في بناء الشخصية المطلوبة.
وما دامت السنوات الاولى لها الاهمية الأساسية في حياة الانسان فأن المدارس في مقدمة النظم التربوية التعليمية التي تعطي هذه المهمة الضخمة.. مهمة اعداد الانسان وتأهيله منذ نعومة اظفاره.
وما دامت مدارسنا توصف بأنها (ذات اسوأ اداء تعليمي) فعلينا اولاً مراجعتها وتطويرها وتخليصها مما تعانيه من مشكلات عديدة وتحديات داخلية وخارجية متنوعة، ومن نظام وممارسات تقليدية، ادت الى مخرجات ضعيفة النوعية، لا تمتلك القدرة على الاستجابة لمتطلبات التنمية، وسوق العمل، والتأثير الايجابي على المجتمع.
اصلاح وتحسين المدارس  ضرورة حياة
 
منافع تطوير المدارس
 
ان تطوير المدارس له مردودات ايجابية كثيرة على المجتمعات اهمها:
1-
يؤدي الى تحسين نوعية الخريجين بما يمتلكونه من قدرة على الابداع والتجديد وانتاج المعارف.
2-
يكون قادرا على الاسهام الحقيقي في تقدم المجتمع وتطوره والخروج به من دائرة التخلف.
3-
تحويل المدارس الاعتيادية الى مجتمعات التعلم بوضع لبنة صلدة ويعتبر خطوة جادة في التحسين والتطوير المدرسي.
4-
مجتمع التعلم هو الرمز الجديد لمدارس المستقبل التي تعمل في ظل معايير الجودة، والتي تركز على الارتقاء بمستوى كفاءة المخرجات التعليمية. د. احمد حسين الصغير/ مجتمعات التعلم نموذج لتحسين الممارسات المهنية في المدارس.
5-
تحويل المدارس الى مجتمعات للتعلم عملية ليست سهلة، ولكنها تصبح ممكنة اذا توفرت الرغبة الصادقة للتغيير والتحسين والتطوير. واذا دخلت المدارس التغييرات الملائمة على مستوى التخطيط والقيادة، وطرق التدريس والتنمية المهنية والتقويم، فانها يمكن أن تقدم اجراءات عملية تسهم في تحسين الممارسات المهنية في المدارس.
6-
ان فشل التعليم في اداء مهماته في بناء الانسان واعداده ليكون قادرا على تطوير مجتمعه وتقدمه يكشف الحاجة الماسة للتغيير والتطوير في الاداء المدرسي، وطرح رؤى علمية واجرائية تعالج واقع التعليم المتردي بتحديد خطوات فعالة تساعد على احداث التغيير المطلوب منها استخدام المناهج الدراسية العلمية الفعالة، التي تنظم العمل، وتستثمر الوقت وتحقق التقدم. اضافة الى الدراسات والبحوث التي تتناول افضل ممارسات معايير الجودة.
7-
ان تحويل المدارس الى مجتمعات التعلم يتطلب الربط بين النظرية والتطبيق من خلال عرض ما توصل اليه الأدب التربوي من افكار علمية ونظريات تربوية، وتقديم نماذج علمية تساعد على بناء مجتمعات التعلم  وفرق التعلم على مستوى المدارس   او على مستوى حجرات الدراسة.
المعلم ودوره في مجتمعات التعلم:
8-
المعلم باعتباره قائد قاطرة التطوير في عمليتي التربية والتعليم، ويساهم بشكل فعال في بناء توعية جديدة من المتعلمين الذين يستجيبون لمتطلبات التنمية واسواق العمل. فالمعلم يبني الفرق ويشكل مجموعات العمل التعاوني، ويوزع العمل على المجموعات، ويقوّم اداءها وعليه مسؤوليات مهنية متنوعة تلبي طموحات المجتمع وتواكب التطورات المتسارعة، وحاجات التلاميذ.
 
مسؤوليات المعلم اليوم
 
ان معلم اليوم يختلف عن معلم الأمس، بما يحمل على عاتقه من مسؤوليات كبيرة، فعليه تخطيط التدريس، وادارة الصف، وخلق المناخ الملائم للدراسة وتنفيذ التدريس، مستخدما اساليب متنوعة، كما ان له دوره في التنمية المهنية، ان للمعلم مسؤوليات مهنية جديدة تتعدى ادواره التقليدية.. مسؤوليات مهنية متنوعة تتناسب وطموحات المجتمعات الحديثة وأولياء الامور وتواكب التطورات المتسارعة في الالف الثالثة.
ويحمل معلم مجتمعات التعلم على عاتقه مسؤوليات كبيرة مثل تخطيط التدريس، وادارة الصف، وتهيئة المناخ الملائم للتعلم وتنفيذ عملية التدريس باساليب حديثة، كما ان له دووراً فاعلا في التنمية المهنية وفي التفكير والشراكة، وفي حل المشكلات للتلاميذ وفي بناء ملفات الانجاز، وعليه مسؤولية بناء مجتمعات التعلم. والمعلم من اهم مدخلات العملية التربوية التعليمية واكثرها خطرا في اعداد وتربية النشئ وهو الذي يحدد نوعية ومستقبل الأجيال. وأي تحسين مدرسي مستهدف يبنى على الآثار التي يتركها المعلم على عقول التلاميذ وسلوكهم، والمعلم هو حجر الزاوية ونقطة الانطلاق في اي تطور تعليمي ولهذا يجب الاعتناء باعداده وتدريبه وتنميته، وتحسين ممارساته وحل مشكلاته والاستجابة لاحتياجاته، وتقويم ادائه، التي تشكل ركائز اساسية للتحسين المدرسي.
ان جميع المصلحين التربويين يؤكدون ان كل الجهود التي تبذل لتطوير وتحسين المدارس وتحديث الممارسات المهنية فيها، وتحويلها الى مجتمعات للتعلم، مرهونة بفعالية المعلم وما يوفر له من بيئة صالحة ومشجعة للعمل، ومن مناخ ديمقراطي من العلاقات الانسانية، ومن معايير موضوعية توجه اداء المعلم وتحسن ممارسته بمسؤولياته المهنية الجديدة التي تساهم في تفعيل مواقف التعلم،  وتحسين اداء التلاميذ.
وفي مجتمعات التعلم يؤكد على المتعلم باعتباره مركز العملية التربوية التعليمية، إذ ينمو من خلال مشاركته في الانشطة الجماعية، ومن خلال عمله كعضو في مجموعة التعلم.