المنبرالحر

الى فلسطين خذوني معكم / صادق محمد عبد الكريم الدبش

كنا صغارا وتروضنا على اسم فلسطين ....وما يتهافت على مخيلة الشعراء والأدباء والمثقفين ، وما كانت تستهويه الأنظمة العربية وتختبئ خلفه لخداع شعوبها ومازالت تمارس الاعيبها وفبركاتها ، لأيهام الناس !...بأنها مع امال الشعب الفلسطيني وطموحاته وتطلعاته .
أذكر التأريخ المجيد لهذا الشعب المكافح والعنيد والمتسمر في أرضه ووطنه والمتشبث بحقه وعدالة قضيته .
أذكر موقف حزبنا من بداية نشوئه وريادته لتطلعات شعوبنا العربية نحو التحرر والأنعتاق من ربق المستعمر البغيض ورجسهم وسطوتهم وجبروتهم ، ومنهم شعبنا المكافح الصابر ، الشعب الفلسطيني ، ولم يتورع حزبنا ولم يتراجع قيد أنملة عن نصرة الشعب الفلسطيني وكفاحه المستميت ومواجهته للعنصرية الصهيونية وللمشاريع الأستعمارية على أمتداد المائة عام الماضيات والحزب يفتخر بتصدره نصرة شعبنا الفلسطيني ، وبقيادة مؤسس الحزب وقائده البار الشهيد ( يوسف سلمان يوسف ...فهد ) بتأسيسه عصبة مكافحة الصهيونية ...لنصرة هذا الشعب وفضح التواطئ المكشوف من قبل النظام القائم أنذاك والذي يخدم الصهيونية ومشروعها الأستعماري بقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ودياره .
عندما تطور النضال الكفاحي للشعب الفلسطيني ، كان حزبنا ورفاقه من السباقين لنصرته ومؤازته ، وشكل ما كان يعرف في حينه فصائل (الأنصار الشيوعيين ) الذين أنخرطوا بهذه التشكيلة العسكرية عام 1969م ، والتي تمثل أحدى الشواهد على مصداقية توجه الحزب ورفاقه لأسناد نضال الشعب الفلسطيني من أجل قيام دولته المستقلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين من دول الشتات لأرضهم التي هجروا منها ظلما .
لقد أنضوينا في منظمات التحرير الفلسطينية وفصائلها كشيوعيين ومناضلين للدفاع عن حقوق هذا الشعب المكافح ، وتعايشنا معهم كرفاق درب تعنينا قضيتهم، وذاد الشيوعيون العراقيون بالنفس والنفيس لترسيخ اللحمة الرفاقية والكفاحية بين حزبنا ورفاقه وبين الفصائل الفلسطينية المكافحة من أجل أستقلالها وهويتها الوطنية الفلسطينية . ولقد أستشهد من رفاقنا من أستشهد في سوح المواجهة مع العدو الأسرائيلي العنصري الغاشم .
أذكر وفي الحرب الوطنية بين المقاومة الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية من جهة وبين القوى المتواطئة مع الأحتلال الأسرائيلي من الجهة الأخرى ، والتي سميت حرب الأيام العشرة في عام 1981م والتي حولت الليل الى نهار من شدة القصف وغزارة النيران ، كنت وقتها أعمل في وكالة الأنباء الفلسطينية ( وفا) وكان وقتها مسؤول الأعلام الفلسطيني الشهيد ( ماجد أبو شرار ) ...والذي أغتالته الموساد الأسرائيلي في روما بوضع عبوة ناسفة في الغرفة التي ينام فيها، في أحد فنادق روما ، وكانت تعمل معي فتاة لبنانية جميلة الخلقة والخلق ، وبعد أن أنهينا عملنا خرجنا وأوصلت زميلتي الأنسة ( جميلة ) الى جسر الكولا حيث أستقلت سيارة أجرة الى بيتها ، ورجعت الى مكان سكني في حي صبرا والمكان ليس ببعيد عن الوكالة التي أعمل بها ، وأثناء مسيري وقبل أن أصل الى الشقة التي أسكن فيها ، صادفني أحد الرفاق !....وبادرني بأننا قلقون جدا عليكم ؟ ...قلت له !...وما دواعي القلق ؟ ...فقال لقد قصفت الوكالة وهناك شهداء وجرحى !...فقلت له يا هذا لم يمض على مغادرتي الوكالة سوى بضع دقائق !!، فقال ...هذا الذي سمعته ...فأخذت أدراجي عائدا الى الوكالة لأتقصى ما حدث ، وعند وصولي الى الوكالة رأيت مدير الوكالة وكان اسمه الأخ قاسم والشهيد ماجد أبو شرار لم يكن موجود أثناء وقوع الحادث وكان هو المقصود ، والصاروخ الذي سقط على الوكالة سقط على غرفة الشهيد ماجد أبو شرار والتي كانت خالية ولكن الشظايا أصابت عامل مقسم الوكالة فأستشهد في الحال ، وفي هذه الأثناء صعد الى الوكالة حرس القائد العام للثورة الفلسطينية الشهيد ياسر عرفات ومن ثم الشهيد عرفات وتفقد الموقع وسلم علينا ( يعطيكم العافية شباب ) كنت بصدق أتمنى أن أعانق هذا الرجل ....الأسطورة مثلما كانوا يصفونه الفلسطينيون بمختلف فصائلهم ، ولم يقل عنه سوى ( القائد العام ) ...بالرغم من كل الخلافات التي تطفح على السطح ولكن عندما تصل الى ( أبو عمار ) يقولون ( الى موقع الأسرار قلت لها قفي ) .. رأيته يرتدي بزته العسكرية ويغطي رأسه ( كاسكيته ) ويحمل بيده عصا كالتي يحملها القادة الميدانيون العسكريون ، وكانت عيناه تترقب ما حوله وينتابه هدوء يوحي بأنه يخفي شيئا بداخله !...ولسانه ينطق بوداع مطمأن وكلمات هادئة خافتة ( يعطيكم العافية !...ويأخذ أدراجه مغادرا المكان ...ووجوم يخيم على الحضور وحرس الوكالة والمخابرات الفلسطينية التي حضرت للتو لتقصي ما حدث وكأن حال الجميع يقول كم هو جميل تواضعك وقوة شكيمتك وشجاعتك !...وتخرج في مثل هذه اللحظات العصيبة والخطرة لتقف مع رفاقك ومقاتليك .
هذا شئ من ذكرياتي مع القضية الفلسطينية وفصائلهم والقائد لنضال الشعب الفلسطيني ورمزه الكفاحي الشهيد ياسر عرفات .
اليوم الثلاثين من نوفمبر ...هو يوم التضامن ونصرة هذا الشعب العظيم ، كل القوى الخيرة مع الشعب الفلسطيني ومع نضاله العادل حتى يحقق أهدافه وتطلعاته في قيام دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، وعودة كل اللاجئين والمشردين في أرجاء بلدان الشتات ، ليستعيدوا حريتهم وكرامتهم وليبنوا غدهم الرخي والسعيد ....مثل باقي الأمم والشعوب ....والنصر حليف كل الشعوب الساعية للخلاص والتحرر و الأنعتاق .