المنبرالحر

الانتصار على الفساد .. انتصار على الارهاب/ محمد عبد الرحمن

ظاهرة « الفضائيين « لم تعد « حكي جرايد» ، ولا احاديث اناس يلاحقون سلبيات الحكومة السابقة. فقد اصبحت هذه وقائع يقول بها المسؤولون على كل المستويات، مع الحديث ليل نهار عن ملفات فساد سوف تكشف ، والناس تنتظر ذلك بفارغ الصبر فيما يحدوها الامل بان لا يتحول ذلك مرة اخرى الى مجرد تلويح في معارك سياسية ، هدفها الاول والاخير هو السلطة والنفوذ والمغانم .
فالفضائيون اسماء موجودة في قوائم الوزارات الامنية ، بينما لا وجود ولا اثر لاصحابها في عمل تلك الوزارات، ويذهب جزء من رواتبهم قد يصل الى النصف او يزيد ، حسب الاتفاق ، الى مرؤوسيهم من الضباط . ويمكن بالطبع ان يكون هؤلاء الفضائيون اسماء وهمية، تذهب رواتبها بالكامل الى جيوب ضباط او مسؤولين آخرين.
على ان الاسماء الوهمية ظاهرة قد يمتد وجودها ، مثلما يعلن ايضا ، الى الرعاية الاجتماعية ، والى اسماء النازحين ، وافراد في الحشد الشعبي وفي الحمايات الخاصة ، والى عناوين اخرى عديدة في مؤسسات الدولة .
الاحصائية الاولية التي اعلن رسميا عنها بعد جرد منتسبي وزارة الدفاع في بغداد تقول ان عدد الفضائيين يقرب من 4000 منتسب ، وهو رقم قابل للزيادة. في حين تحدثت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن وجود اكثر من 5,500 «فضائي» . وحسب تصريح نائب رئيس الوزراء فان التدقيق في قوائم « الفضائيين» وفر للدولة مبلغا قدره 120 مليار دينار .
هذا في بغداد وحدها، حيث لم يشمل الجرد بعد الوحدات والفرق في بقية انحاء البلاد ، اضافة الى ان الحديث لا يزال يدور عن وزارة الدفاع ولم يعبر الى زميلتها وزارة الداخلية، باعدادها الكبيرة المعروفة .
من جانب آخر اعلنت هيئة النزاهة في تقريرها السنوي لعام 2012 عن انخفاض قيمة قضايا الفساد في البلاد من نحو ثلاثة ترليونات دينار عراقي خلال عام 2011 الى نحو 133 مليار دينار في العام لتالي. فيما افادت في تقريرها لعام 2013 ان مجموع قيمة ما حكم برده الى خزينة الدولة يبلغ 49 مليار دينار ، لكن ما استعيد فعلا يبلغ مليار دينار فقط !
لنلاحظ هذه الارقام الكبيرة ودلالاتها بالنسبة الى حجم الفساد ، وهي تخص فقط الدعاوي التي نظرت فيها الهيئة. فكم من الملفات والقضايا لم تصل اليها اجهزة النزاهة ، او غيبت عنها عن عمد؟
فظاهرة « الفضائيين « جزء من وباء انتشر كالنار في الهشيم واصاب مقتلا من مؤسسات الدولة واجهزتها ، كما من المجتمع بهذه الدرجة اوتلك ، وبات يقلق كل الحريصين على البلد ومستقبله. فلا اعمار ، ولا بناء ، ولا تشكيل قوات مسلحة كفؤة وفاعلة وقادرة على الصمود والانتصار، دون التخلص من الفساد المستشري.
ان مجرد الاعلان عن نية التوجه لمحاربة الفساد لم يعد يكفي، فلا بد من اجراءات عملية ملموسة ، وقبل كل شيء بناء اجهزة قادرة حقا على التصدي الناجع لهذه الطاعون . علما ان كل نجاح يتحقق على هذه الجبهة، يقربنا من ساعة الحسم النهائي مع الارهاب .