المنبرالحر

بلد العجائب والغرائب..العراق الجديد / د. محمود القبطان

لم يعد هناك من مثال سيئ في العالم إلا ويلصق بالعراق لأنه مملوء بالفساد ، القتل ،التهجير،النازحين،الخطف واخيرا ظهور مصطلحات لم يعهدها العراقيون من قبل.
1:الفضائيون
عرفنا ان العالم المتقدم صعد الى الفضاء، الاتحاد السوفيتي ارسل اول انسان، يوري گاگرين، الى الفضاء، امريكا ارسلت اول انسان حط على سطح القمر، الان وصلوا الى المريخ لكن في العراق الفضائيين من شكل "تاني".
في زمن النظام المقبور وخلال الحرب مع ايران وبعدها حرب ال1991 والحصار الاقتصادي على العراق كان جندي قريب مني يعمل في تصليح السيارات، وقد علم بذلك آمره، وحضي هذا الجندي برعاية "ابوية" من الآمر فلم يداوم في الجيش إلا سويعات ولكن بالمقابل كان للآمر سيارته "الهدية" والتصليح المجاني الى ان سُرّح هذا الجندي "المقاتل" ..ولكن هل انتهت هذه المهازل؟ طبعا لا ، لابل استمرت ليظهر لنا مصطلح الفضائيون، رواتب لأشخاص وهميون بالملياردات من الدولارات على طول فترة ال11 سنة من عمر العراق الجديد، لكن المؤلم أن يظهر البعض ليُكذّب ذلك ويقول هذا هوس وبسبب الاعلام بالرغم من اشارة العبادي الى ذلك وبقراراته الديوانية..
2:حواسم
وبعد سقوط النظام السابق احتل الكبار والصغار بيوت الدولة الكبيرة والفارهة والصغيرة كل حسب وزنه وحجمه في السياسة. ولم يستطيع رئيس وزراء ان ينقذ تلك القصور والشقق من ايدي سراق الدولة العراقية وقسم منهم احتل مناطق باكملها وليس من رادع لهم.. فقراء العراق شعروا ان الوقت مناسب ليقيموا العشوائيات في بغداد وباقي المحافظات وشوهت المدن بشكل غريب وعجيب ومقرف ولا رادع لهم ولا من يسال احدهم اين كنتم من قبل؟ لا بل وظفت قضيتهم للانتخابات بشكل "ديمقراطي" فريد من نوعه للحصول على اصواتهم الانتخابية ليصلوا الى البرلمان بوعود كاذبة ويبقى المحروم محروما وليس له من نصير..أما مصطلح العلاس فهذا شيئ تفرّد به العراق ايضا..
3:الفساد
الفساد المالي والاداري بلغ ذروته في عراق اليوم خلال 11 سنة المنصرمة، وهذا لا يعني ان العراق كان معفيا من هذه الظاهرة الخطيرة في السابق. اكتشاف مليارت من الدولارات مختلسة من بنك الرافدين آخر الهزات والفضائح المالية، بعض الموظفين احيلوا الى القضاء، هكذا قيل! لا احد يعلم كيف ولمن حولت تلك الأرقام الخرافية من المبالغ الى خارج العراق. هل يعقل ان مسؤول كبير يذهب ليصلح اسنانه الى خارج العراق وبعد ذلك تبين انه ذهب ليطلق سراح ابنه المتهم بقتل معارض له، وهناك سُّحق القضاء بعد دفع "البخشيش" المقسوم من جيب العراق، وآخر كبير يذهب الى دولة شقيقة ليحل مشكلة كادت ان تؤدي بعلاقات دولية فضلا عن عقوبات ضد العراق بسبب عدم صعود المدلل الى الطائرة لانه جاء متأخرا الى ان ذهب بابا الى هناك ودفع تعويضات الشركة، وثالثهم يذهب الى نفس الدولة ليطلق سراح مدلله بسبب عثور القوات الامنية على كمية خرافية من الدولارات في شقته1،5 مليار دولار، المدلل، لكن اذا كان قضائنا اصبح لعبة بيد السياسيين لماذا نخرّب قضاء الآخرين؟
4:الاقاليم
بعد التغيير حصل الكرد على اقليم خاص به لاسباب قد تبدو وجيهة مما فتح باب التنافس على تأسيس الأقاليم على مصراعيه لكل من هب ودب في الوقت الذي العراق يحارب اعتى قوى ارهابية عرفتها المنطقة لا بل العالم. في البصرة ومن يقف وراء هذا المطلب اثير مرة اخرى بعدما فشلوا في عام 2008 حيث لم يجمعوا اكثر من 2%. وبعد الهزات الامنية التي يعيشها العراق وسوء الخدمات في هذه المدينة بدا التوقيت لاثارة هذه المسألة مرة اخرى مناسبا لنفس القوى لاثارة الرأي العام البصري للحصول على ال10% حتى ينفذوا خططهم الى الاقليم. لكن ماذا قدم كل المحافظين السابقين لمدينتهم بمن فيهم بطل الفكرة؟ في البصرة خراب ما بعده خراب طيلة كل فترة التغيير. اليس من الحكمة بشيئ أن يتركوا العراق وقواته الأمنية لتحرير الاراضي المحتلة من قبل ارهابيي داعش والبعثوهابي الفاشي ومن ثم يجلسون للاعمار والبناء واخيرا ليختاروا تأسيس الأقاليم ؟ البصرة مثال والناصرية بدأت هي الاخرى تحركها الاصابع وجميع هذه الافكار هي لتفتيت العراق وجهوده امام الارهاب الاسود. المضحك والمبكي ان يظهر المحافظ السابق للبصرة والبرلماني الحالي ليطالب بأقليم للبصرة علما بانه كان من المعارضين له بسبب انتماءه الحزبي. واخيرا وبدون استفتاء والحصول على ال10% المفترضة رفع علم اقليم البصرة وفي مطار البصرة. فاين القانون ومن ينفذه والاهم هل يحترم القانون إن وجِد؟
5:القتل والتهجير والخطف
لم ير العراق مثل هذه الموجة من القتل والتهجير والخطف في اي وقت مضى من تاريخه. وبين الفترة والاخرى نرى اختفاء الامن وتبدأ موجة التفجيرات. في الشهر الماضي سقط اكثر من ثلاثة آلاف قتيل في موجة غريبة وعجيبة هي الاخرى دون التوصل الى جذورها، لكن الخطف بات معروفا وفي كل الاحوال لاسباب مادية استعملت فيها ادوات الدولة من مركبات وباجات ممنوحة لاشخاص ليس لهم في الدولة اي واجب في معظم حالات الخطف والقتل. احد هذه العصابات استخدمها ابن اخ وزير، وابن أو اقارب نائب وقريب لمسؤولين اخرين. السؤال الذي يطرح نفسه كيف تمنح الباجات وهويات عدم العرض وسيارات الدفع الرباعي المظللة لاشخاص لا علاقة لهم بمهام الامن؟ ان التفجيرات والقتل في اغلب الاحيان بين فئات متصارعة على النفوذ في الدولة وليس البعث والارهابيين هم المسؤولون فقط.
ويبقى العراق بين حانة ومانة ومضيع زمانة بسبب الصراع على النفوذ وفقدان الهوية الوطنية وروح المواطنة، لا خدمات ولا أمان ولا بناء ولا اعمار ولا يعلم احد لماذا تدحرجت صخرة عبعوب الرهيبة الى البصرة لتغرق في اول مطرة لمدة ساعتين فقط لا غير، اما الفساد في حالة صعود بخط بياني لا مثيل له في العالم متوازيا مع سرقة اموال الشعب والقتل والخطف. بقى على العبادي الكثير من الحزم لتخليص العراق من هذه الآفات الجديدة الاخطبوطية حيث هناك مافيات تدير كل هذه الامور، وعلى العبادي أن يفكر مليا بمؤتمر وطني جامع لكل قوى العملية في السياسية في العراق من خارج وداخل البرلمان والاستمرار في طرد المسيئين والفاسدين مع حث رئاسة الجمهورية على تصديق العقوبات الصارمة بحق قتلة الشعب العراقي وليس تسليمهم الى دولهم بحجة بناء علاقات عربية- دولية لانهاء عزلة العراق.