المنبرالحر

صولات فالح أبو الدبكَك / مرتضى عبد الحميد

في غفلة من الزمن صار «فالح أبو الدبكَك» قائممقاماً لمدينتنا الوادعة، وهو لا يملك شيئاً مهما كان صغيراً من مستلزمات المسؤول الناجح، ولم يكن يحلم بأن يصبح ذات يوم احد المنتسبين لسراي الحكومة، حيث مقر قائممقامية القضاء.
ولكن بضربة حظ، وعلى طريقة «احمر الي اسود إلك» استطاع عبر وصوليته وانتهازيته التقرب من احد الأحزاب المتنفذة، ومن ثم الدخول فيه، بعد أن رصّع أصابعه ببعض المحابس، وأطال لحيته، وبرع في مداعبة حبات مسبحة اليسر التي لا تفارقه حتى إثناء نومه! فتقدم سريعاً في سلم المسؤولية و «انتخب» قائمقاماً للقضاء وسط دهشة الأهالي، وتبادل الابتسامات فيما بينهم.
صال وجال «فالح أبو الدبكَك» ولم يبقَ حجراً على حجر، ولم يترك رجلاً أو امرأة، إلا ودخل معهم في مشادات كلامية وحروب عبثية، مستغلاً وظيفته والصلاحيات التي يتمتع بها، وملحقاً الضرر بهم وبالمدينة كلها. وكما هو متوقع جعل من الفساد المالي والإداري عنواناً رئيسياً في عمله، وجمع حوله شلة من ذوي الضمائر الميتة، مطلقاً العنان لهم في النهب والسلب وسلاطة اللسان، مقابل تأييدهم ودفاعهم المستميت عنه.
لم تصبر المدينة على هذا الضيم، وهي ترى الأمور تسير من سيء إلى أسوأ، واذا لم يجر تدارك هذا الوضع المأساوي، فلن يبقى ذكرُ أو وجود لمدينتهم. فوحدوا جهودهم وقواهم الذاتية، واستعانوا بعمه الذي لم يكن أفضل منه، لكنه كان غاضباً عليه لغاية في نفسه، وتمكنوا في الأخير من إزاحته، رغم تشبته وبذله المستحيل للبقاء في منصبه.
وبعد تنحيته، حاول أن يداري الصدمة التي أصيب بها، بطريقتين متوازيتين وفي ذات الوقت. الأولى سعيه لتشويه سمعة القائممقام الجديد الذي بدأ بخطوات جيدة، يأمل أبناء القضاء الاستمرار فيها، واتهامه من دون وجه حق بالضعف والتردد، ومحاولة الاستهزاء والاستخفاف به. الثانية حرصه الشديد على حضور المناسبات الاجتماعية، وهو الذي كان غائباً عنها في الفترة الماضية، محاولاً من خلالها تملق الآخرين، ولكي يبقى تحت الأضواء، فربما تتاح الفرصة له للعودة إلى وظيفته مجدداً.
لكن الشيء المفرح حقاً، أن الغالبية العظمى من أبناء المدينة، أصبحوا يعرفون ما أصابها على يدي «ابو الدبكَك» وبطانته من المآسي والكوارث والخراب التي لم تترك زاوية من زواية المدينة إلا وألحقت الضرر الفادح بها، وخاصة الشرخ الطائفي بين أبنائها، الذين كانوا يعيشون بسلام ووئام ومحبة طيلة عشرات السنين، فضلاً عن غياب الخدمات، وتدهور الزراعة، وهي المدينة التي كانت توصف بأنها سلة غذاء المحافظة كلها، وارتفاع منسوب البطالة بين الشباب والخريجين، وبقية المآسي التي تشترك فيها مع المدن العراقية الأخرى.
أن عقلاء المدينة وشرفاءها مصممون على مساندة ودعم القائمقام الجديد بكل ما في استطاعتهم، وفي كل عمل يقوم به لمصلحتهم، ومصلحة مدينتهم، وإنقاذها من المحنة التي تعيشها، وهذه هي سنة الحياة.