المنبرالحر

حملة (دفيني) و (الفضائيين) في العراق / عامر خضير

كنت أقرأ في الصحافة اليومية وإذا بي أقرأ خبراً عن وجود آلاف الفضائيين في وزارة الدفاع. وقبل أن أتأكد من معنى هذا المصطلح، تبادرت الى ذهني علامات فرحة كبيرة، وبدأت أصيح دون وعي: سنغزو الفضاء، سنغزو الفضاء! وبدأت أحلم بالمركبة الفضائية العراقية، وشكلها، وهل سيرتفع علم العراق عليها؟ وهل سيختلف الساسة على شكل العلم؟ حتى أني بدأت أفكر بموعد أول رحلة فضائية، وفي أي كوكب ستحط. سمعت زوجتي ضجيجي، فأسرعت الي متسائلة، قلت لها: آلاف الفضائيين العراقيين في الجيش وتلومينني لماذا أصرخ، سنغزو الفضاء! قالت: ألم تكمل قراءة الأخبار جيداً؟ إنهم الوهميون الذين سجلوا أسماءهم، لتدفع رواتبهم لمن قام بتسجيلهم، وهم موجودون في وزارات ومؤسسات عدة في الحكومة ومؤسسات الدولة العراقية، ألم تسمع نواباً يطالبون بتخفيض حمايات مجلس النواب الى النصف، وآخرين يدرسون التدقيق في لجانه غير الضرورية في بغداد والمحافظات، وكم ترهق ميزانية الدولة. قلت لها: إذا لن تطير المركبة الفضائية. قالت: ماهذه الهلوسة يارجل! لويطير الفساد لطارت المركبة، لو يطير الإرهاب (الذي أريد له أن يبقى الى حين) لطارت المركبة.
بعد أن فهمت معنى الفضائيين، عدت لقراءة رسالة الكترونية وصلتني بالأمس من رابطة المرأة العراقية في هولندا، وجمعية النساء العراقيات في هولندا، وكيف قاموا بالعمل على جمع تبرعات مادية وعينية من ألبسة وبطانيات أسموها حملة (دفيني) لمساعدة العوائل المهجرة والنازحة في العراق. هذه الحملة الكبيرة التي لقيت تجاوباً كبيراً من منظمات المجتمع المدني العراقية في هولندا وشخصيات عراقية وهولندية ساهمت بشكل كبير في جمع مئات الأطنان من الألبسة والبطانيات لهذا العمل الإنساني الكبير. كم كنت سعيداً لهذه الجهود الرائعة التي ساهمت في تغطية وتدفئة مجموعة غير قليلة ممن يعيشون ظروفاً صعبة في هذه الأجواء الباردة والممطرة.
سألت نفسي ماذا لو قامت الحكومة العراقية بسحب جزء بسيط مما وضعت يدها عليه من هؤلاء (الفضائيين) ومنحته غطاء لمن بات دون غطاء. وأنا أقرأ الأرقام الفلكية للفضائيين، ولتكاليف التعيينات والوظائف غير المبررة في مفاصل الدولة العراقية، لو وزع اليسير منها على هؤلاء المنكوبين لما بات طفل أو عجوز تحت البرد والمطر. هل سنبرر ذلك بانخفاض أسعار النفط، وبلدي يغرق بالنفط، وأبناء شعبه جياع. لن نسأل عن عوائد برميل واحد من النفط، فهناك في الحكومة والمتنفذين فيها من هم أولى بها على مايبدو، ولكن هل مات الضمير الانساني؟ أتعرفون يامتنفذي الدولة العراقية أن (حملة دفيني) قامت بها منظمات مجتمع مدني ليس لها أي مورد مادي، كل مالديها هو تبرعات عضواتها وأعضائها وتحمل اسم الوطن في كل فعالياتها لتنشره للأوربيين، وتزرعه بين قلوب شبيبتها كي لاينسوا مناسبات وأعياد الوطن.
لقد قامت شخصيات ومنظمات هولندية بالتبرع بشكل لافت للنظر يدفعها العمل الإنساني الخيري لأناس تعرضوا الى نكبة. ألم يحن الوقت لكي نتعلم من الشدائد التي تمر علينا كي نقدم البديل الوطني؟